عبدالله المزهر

رسالة محولة..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 06 أبريل 2020

Mon - 06 Apr 2020

أصدقكم القول أني للتو أكتشف العالم الموازي في «الواتساب»، وقد كنت لفرط جهلي وقلة دبرتي في الحياة أعتقد أن مجموعات الواتساب هي عبارة عن مجموعات تضم أناسا تربطهم علاقة من نوع ما، عائلة أو أصدقاء أو عمل، وأنه لا شيء خلاف هذا.

وقد كان سبب غفلتي - أصلح الله شأني - هو أني أقيس الأمور حسب نظرتي وتفكيري المحدودين للأشياء، وأنا لا أتخيل أني سأكون موجودا في مجموعة لا يربطني بهم رابط ولا تجمعني بهم صلة ولا أعرفهم بشكل شخصي.

ثم إني عرفت أن الأمر ليس كما أظن، وأنه توجد مجموعات يعامل مشرفوها بطريقة كتلك التي كان يعامل جنكيز خان والإسكندر المقدوني، فكلمته قانون ومشاركاته لوائح تنفيذية وغضبه مؤذ ورضاه ينير ظلمات الطريق.

وعلمت أيضا أنه توجد مجموعات تحتاج لتكون عضوا فيها واسطة أقوى من تلك التي يمكنها أن تعينك نائبا لرئيس شركة أرامكو بعد انتهائك من المرحلة المتوسطة.

وهذا مجد سهل لا أدري كيف غفلت عنه، فإن ضاقت بك الدروب ووجدت نفسك عاجزا عن فعل شيء على أرض الواقع فاجتهد في إنشاء مجموعة، ونصب نفسك واليا عليها وتلذذ بالسلطة التي لم تكن ستعرفها خارج هذا العالم الافتراضي. وأوص الأعضاء أن يكتبوا «غادر المجموعة» على شاهد قبرك حين تموت وتنضم إلى المجموعة التي أصبحت تدرك حقيقة الحياة بكل وضوح.

وقد عرفت عن هذه المجموعات عندما عرض علي بعض الأصدقاء الانضمام لبعضها، وحدثني عن وجود كثير من العقول النيرة التي ستفتح لي أبوابا كنت أظنها لا تفتح، ولقد تملكني العجب والاستغراب - وهذا شأننا جميعا مع كل ما نجهل، ثم إني رفضت رفضا قاطعا باتا فأنا بالكاد أتحمل إخوتي في مجموعة العائلة، وبعض الأصدقاء في مجموعات أخرى كل من فيها أعرفهم قبل اختراع الانترنت. نتبادل فيها الشتائم حين يتعذر علينا أن نلتقي ونقولها بشكل مباشر، أو نجمع من خلالها قطة الاستراحة - عجل الله فرجها، ومجموعة خاصة بأبنائي وزوجتي جل المشاركات فيها تدور في فلك «جب لنا».

ثم تنامى إلى علمي وجود مجموعات لدعم «التغريدات»، ينسق فيها للهجوم على أشخاص، أو لدعم آخرين. وهذا أكثر شيء وجدته لا يستساغ، لأني لا زلت أستسخف - حتى هذه اللحظة - فكرة أن أكتب شيئا لمجرد أن أحدا طلب مني أن أفعل، أو أن أهاجم أو أدافع أو حتى البقاء في حراسة المرمى لمجرد أني فرد من القطيع الذي يجب عليه أن ينفذ تعليمات الراعي.

وعلى أي حال..

من المؤكد أن رأيي في الأشياء لا يعني الصواب، ولا يلزم سواي، وقد يكون لهذه المجموعات التي لا يعرف أفرادها بعضهم البعض فوائد لم تدركها بصيرتي الضعيفة - أنارها الله، وقد يكون للسلطة في إدارة هذه المجموعات قوة لا يستهان بها، ومن يدري فقد يأتي يوم ونشاهد في شريط الأنباء العاجلة خبرا عن تعيين أحدهم مديرا للقروب أو إعفاء آخر بناء على طلبه.

agrni@