عبدالله المزهر

إن الله مبتليكم...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 05 أبريل 2020

Sun - 05 Apr 2020

منذ أن أعلن تطبيق حظر التجول وإجراءات الحجر المنزلي والبقاء في المنزل لم أخرج من المنزل سوى ثلاث مرات كانت كلها للبقالة، ربما أني معتاد على عدم الخروج من المنزل حتى قبل هذه الإجراءات وهذا ما جعل الأمر متقبلا بالنسبة إلي إلى حد كبير.

وفي الأزمات الكبرى والأوقات التي يحتاج فيها الناس إلى مد يد العون والمساعدة فرصة كبيرة للمشاركة ومساعدة الناس والحكومة والوطن. ومع أن هذه أصعب أزمة تمر علي منذ أن بدأت في ممارسة الحياة، إلا أن المشاركة المطلوبة مني هي أن أبقى في المنزل، تخيل أنك جندي في أكبر معركة يخوضها مجتمعك ووطنك والعالم، ومهمتك الوحيدة التي يطلب منك تنفيذها هي أن تبقى في منزلك، تتنقل بين الصالة والمطبخ وغرفة النوم، مرتديا أكثر ملابسك راحة.

وأتفهم كثيرا أن يكون البقاء في المنزل مؤذيا لمن يعتمد في حياته على العمل اليومي، الذي يكسب قوت يومه من خلال عمله الذي يتطلب خروجه، ولكن الملاحظ أن كثيرا ممن يؤذون الآخرين بخروجهم وتزاحمهم في الأسواق والشوارع هم من الذين لا يخرجون للعمل، أو للبحث عن مصدر رزق في هذه الأوقات العصيبة. السواد الأعظم من عديمي المسؤولية الذين يعتبرون فترة رفع الحظر النهارية تعني إجازة من الحجر وخروجا للتنزه وتبضع ما يحتاجون إليه وما لا يحتاجون.

الذين يقيمون مناسباتهم وتجمعاتهم في النهار كأن الفايروس ينام الساعة السادسة صباحا ويستيقظ في السابعة مساء، وكأنهم يستغلون فترة نومه في الخروج، هؤلاء في الغالب ليسوا ممن آذاهم الحجر وضيق عليهم سبل كسب رزقهم. كثير من هؤلاء من المترفين عديمي المسؤولية.

ومع أني من محبي البقاء في المنزل في كل وقت وكل حين، إلا أني أعلم أن الموضوع صعب على الكثيرين، لكن هذا وقت استثنائي، وليس من المنطقي أن يكون العالم بأسره في كل هذا التأزم والارتباك وتريد أن تمارس حياتك بشكل طبيعي وكأن ما يحدث في الكون لا يعنيك.

ولعل أكثر منظر يدل على انعدام المسؤولية وعدم الإحساس بالآخرين هو رؤية أطفال يجوبون الأسواق مع أهاليهم، هذا منظر لا يدل على انعدام الحس بالمسؤولية تجاه المجتمع فقط، ولكنه يدل أيضا على أن الشخص غير مبال حتى بصحة أطفاله وأهله.

هذه الفترة ستمضي حتما، وكنت سأقول لهؤلاء: اجعلوا منها شيئا تذكرون في المستقبل أنكم ضحيتم من أجل تجاوزه، وأنكم شاركتم البشرية في كبح جماح هذا الوباء. لكني ترددت لأني وصلت إلى قناعة بأن هؤلاء قوم لا يكادون يفقهون حديثا.

وعلى أي حال..

ومع فارق التشبيه واختلاف الغايات والشخوص اعتبر خروجك من المنزل للضرورة هو الغرفة التي تغرفها بيدك في هذا الابتلاء. واعتبر النهار وفترة السماح هي النهر الذي يبتليك الله به لتواجه حقيقة نفسك وقوة تحملك وصبرك. (فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده، فشربوا منه إلا قليلا منهم).

agrni@