آلاء لبني

دروس مستفادة من كورونا

الخميس - 02 أبريل 2020

Thu - 02 Apr 2020

كل موقف وتجربة ومصيبة حتى الكوارث لها دورس مستفادة مهما صغرت تلك الفوائد أو عظمت، حتى الحروب رغم آلمها وشناعتها قد تكون سببا للتغيير، القنابل النووية صنعت التحدي الذي جعل من اليابان بهذه القوة الصناعية.

نعلم أن هناك إرثا سيرثه العالم بسبب كورونا، الإرث والدروس ستسهم في تغيرات إيجابية وسلبية، هناك من سيسبق ببنية متجددة وهناك من سيظل خارج المشهد كلاعب احتياطي يتفرج.

كورونا فرض تعزيز العالم الافتراضي لأهم الاجتماعات في العالم، كعقد قمة العشرين الافتراضية بقيادة المملكة 26 مارس، القمة الاستثنائية لمناقشة ومكافحة مستجدات جائحة كورونا والحد من تأثيره الإنساني والاقتصادي، الاجتماع أسفر عن مساع للحد من الأضرار الاقتصادية واستقرار السوق وتعزيز القدرة على انتعاش النمو العالمي.

من المفارقات العجيبة أنه قبل أشهر قلائل تناقلت وسائل الإعلام باستغراب ما صدر عن رئيس السلفادور وصورته السيلفي التي ابتدأ بها كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة! منوها بأن الصور على انستقرام لها تأثير أكثر من الخطابات! كما ذكر أن القمة السنوية يمكن أن تحدث تقنيا، دون ترك المسائل الأكثر الأهمية في بلداننا، وقضاء أسبوع للأمم المتحدة يعد مضيعة للوقت، والأجهزة المحمولة هي مستقبلنا، فرضيته أصبحت حقيقة بفضل كورونا!

العزل من أجل كورونا سيغير طريقة تفكير أصحاب الأعمال والجهات والقطاعات الحكومية والخاصة، بعض السياسات المستحدثة قد تستمر كإجراءات وأتمتة العمليات والتواصل مع الموظفين..إلخ، حتى فيما يخص وضع ميزانيات للنظافة أو زيادتها!

الأساليب التقنية الرقمية ستزدهر فاعليتها، فالجهات التي كيفت أنظمتها سابقا لإجراء عملياتها تقنيا كانت أقل تضررا وأكثر تكيفا مع العمل من البيت. لا مجال ولا حجة خلال المرحلة المقبلة ما بعد كورونا للمتقاعسين! زمن الأوراق والحضور الشخصي وحجج الموظف في إجازة! ولى وانتهى لمتابعة أي خدمة مقدمة وأي رخص وموافقات، هناك جهات حكومية نعرف جميعا مدى التقدم في خدماتها، وهناك جهات تعيش في كوكب آخر سيسهم كورونا في استيقاظها.

ثقافة العمل عن بعد والعمل بالمنزل ثقافة ليست جديدة عالميا، تساهم في توفير المال والجهد وتقليل الازدحام في أماكن العمل وتقليل مصاريف المكاتب والمباني والكهرباء ..إلخ، وتقلل من عوادم وسائل النقل وتخفف الضغط على البيئة وتتلاءم مع عدد من الوظائف والمجالات.

وهي مفيدة ومغرية للبعض فمن مكانك تستطيع أن تعمل وتوفر الجهد والوقت والمال في التنقل ذهابا وإيابا، وتتناسب مع ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يصعب عليهم التنقل...إلخ، ومع الأمهات اللاتي لا يجدن أماكن لترك أبنائهن وقت العمل. ليتنا نخرج بدرس مستفاد بأن نوفر العمل عن بعد في بعض المجالات رسميا لمحتاجيه فعلا. لكن العمل عن بعد له سلبيات منها: انخفاض الرواتب وتقليص أعداد الموظفين غير المنتجين!

العمل عن بعد والدراسة وعديد من الخدمات ستأخذ منحنى أكثر انتشارا على الصعيدين المحلي والعالمي، على سبيل المثال: التقنية خلقت فضاء منظومة التجارة الالكترونية، وهذا الذي سيزداد حتما، سنشتري أغلب احتياجاتنا وأغراضنا عبر الانترنت. المعاهد والجامعات التي تتبنى الحضور لمقراتها سوف تتجه نحو تكثيف نشاطها فيما يخص الاختبارات والتقييم عبر الانترنت.

ليت الدرس المستفاد من كورونا في التعليم بدفع إلى السماح لذوي الاحتياجات الخاصة لمن لا يستطيع الحضور أو لا تتوفر بقربه مدرسة مناسبة ومهيأة لتواجده، بالالتحاق بالتعليم عن بعد لكل الصفوف، مع تطوير آلية تكفل حق التعليم والتعلم تحت إشراف معلمين.

ختاما، من الدروس المستفادة التعاضد في المجتمع، لأصحاب القطاع الخاص لا تبحث عن مبررات قانونية كالقوة القهرية للاستغناء عن موظفيك إن قلت أرباحك! وإن كان وضعك المالي حرجا إلى حد خسارة العمل تماما فصارحهم بتقليل الرواتب مؤقتا، أفضل من الاستغناء عنهم، لا تختر الحلول السهلة، بل الأكثر اتزانا.

يتضجر البعض مللا من المكوث في البيت، لكن هناك من مكث وهو متضرر في رزقه الذي يكسبه بسعيه اليومي أو الشهري كسائق الباص الذي يوصل طلاب المدارس وغيره من أفراد تضرروا، أجرِ عليه ما كان يأخذه إن كان في استطاعتك، واحتسب نفقتك وأجرك على الله تكافلا وعملا بقول عليه الصلاة والسلام «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا».

AlaLabani_1@