مرزوق تنباك

كيف نساعد هؤلاء؟

الثلاثاء - 31 مارس 2020

Tue - 31 Mar 2020

يمر الناس هذه الأيام بهمٍ مشترك بين كل بني البشر ويواجهون عدوا واحدا، عم الأرض وأشغل كلا بما فيه، لم يسلم منه بلد يعين آخر، ولا إنسان يرجى منه عون غيره، مما اضطر الدول لأن تتخذ الاحتياط الممكن، وهو العزل التام للدول عن بعضها، وللمدن كذلك ثم اضطرت إلى الحجر الصحي ومنع العمل والاختلاط فيه، وإلزام الناس البقاء في بيوتهم وعدم خروجهم حتى لحاجاتهم، وهذا القرار هو آخر الكي كما يقال لمواجهة الخطر الداهم، وقانا الله شره وأنجى عباده من نتائجه وكتب للناس كافة الصحة والسلامة.

ولم نكن نحن في المملكة بدعا من الدول في الحرص على سلامة الجماعة والأفراد، وقد اتخذت بلادنا ولله الحمد الاحتياطات مبكرا، وكانت سباقة في بذل أقصى سرعة واستجابة لحماية الناس من العدوى، وهو سبق قدره أبناء الوطن العام والخاص، وحرص قلل من الإصابات التي تعرضت لها أقدم الدول وأقواها رعاية صحية مثل غرب أوروبا التي كنا نضرب بها الأمثال، ونتطبب عندها ولكنها لم تفعل من الحيطة والحذر ما فعلته بلادنا، مما قلل عدد الإصابات بنسبة كبيرة ومنع قدوم الوباء بعض الوقت، ولم يحدث وفيات كثيرة.

كل ذلك بفضل الله والاحتياط السريع الذي اتخذته الدولة مبكرا ولم تتأخر عن وقت الحاجة حين وجب الحذر، وليس مصادمة القدر، وأخيرا اضطرتها الظروف بل الحزم على ما وصلت إليه كل الدول للحد من العدوى السريعة، فألزمت الناس البقاء في بيوتهم والانقطاع عن أعمالهم ودفع مرتباتهم، والقيام بما يستطيعون عمله من منازلهم بما توفر من وسائل الاتصال في حده الأدنى حتى يتجنب الجميع عدوى المرض المدمر بسرعة انتشاره بين الناس، وهي سرعة أرعبت المجتمع الدولي وأخافته.

ولأن الناس ليسوا سواء في قدرة التحمل من الناحية المالية، فهناك الموظفون الذين كانوا يعملون في القطاعين العام والخاص، وهؤلاء ضمن لهم الراتب الذي يقيهم الحاجة، وهناك من له مصدر يغنيه ويعينه على ما هو فيه، وهم قلة ولكنها قلة موجودة ومؤثرة وقادرة على أن تساهم إذا سخت نفوسها، ولا سيما في هذه الظروف الصعبة.

أما النوع الثالث وهو ما تريد هذه الكلمة الحديث عنه، فهم قطاع كبير من الناس في هذه البلاد من أبنائها ومن المقيمين فيها على الرحب والسعة، هذا القطاع الكبير مثل الطير يغدون صباحا لطلب الرزق من حيث يجدونه، ليس لهم عمل غير ما يصادفهم في بحثهم اليومي من فضل الله، ويعودون مساء إلى منازلهم بما تيسر من كدهم سحابة يومهم، ومن ورائهم أسر تنتظر ما حصلوه وعادوا به، وقد لا يزيد عن كفاف تلك الليلة، وفي الصباح ينطلقون للبحث عن رزق جديد في يوم جديد، منهم الكداد والبائع المتجول والحرفي، وأنواع كثيرة من مجالات العمل التي لا تحد.

وهنا يبرز السؤال: كيف يكون حال هؤلاء عندما يبقون في منازلهم ويمنعون من طلب رزقهم؟ وأعني بهم من لا تنطبق عليه مساعدات الشؤون الاجتماعية التي تتوجه إلى العاجزين والفقراء الذين لا يستطيعون العمل، أما من هو في سن العمل والقدرة عليه فلا يدخل ضمن عناية هذه الوزارة، وهم الذين تضرروا من التوقف والحجر، هؤلاء كيف يتدبرون أمرهم؟ وما الحل الذي يمكن أن يساعدهم في ظروف طارئة فرضتها هذه الجائحة وفرضها الحرص على سلامتهم وسلامة الآخرين منهم؟

لا بد من النظر إليهم وتقدير حاجتهم وتنشيط عمل الجمعيات الخيرية لمساعدتهم حتى يزول العارض الذي حال بينهم وبين العمل وطلب الرزق، يجب أن يوجد حل سريع لمساعدتهم حتى تزول الأسباب التي منعتهم. وهي فرصة لمساهمة القادرين ومشاركتهم في واجب إنساني ووطني لا بد أن يتعاون الجميع على القيام به.

Mtenback@