عبدالله المزهر

مختصر الأسبوع (27.3.20)

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 26 مارس 2020

Thu - 26 Mar 2020

أسبوع الصراع بين الخوف والأمل، وتجربة حظر التجول الجديدة والغريبة على هذه البلاد الآمنة، بالنسبة لي فالأمل منتصر حتى هذه اللحظة، ومتفائل بأننا سنعبر إلى الضفة الآمنة رغم ما في الطريق من صعاب. ثم إن هذا مختصر ما كتبته في الأيام الماضية:

· الأنانيون سيعانون كثيرا في هذه الأزمة ليس لأنها صعبة وحسب، بل لأنها تختلف عن كل ما سبق أن جربوه من قبل، لأن حلها يعتمد على الجميع دون استثناء، الجميع مشارك في الحل أو في زيادة المشكلة سواء أراد أم لم يرد، ومعضلة الأنانيين أنهم لا يحبون المشاركة، هم متعودون على المشاركة في صنع الأزمات والاستمتاع بنتائج الحلول دون أن يقدموا أي شيء، ويؤسفني إخبارهم بأنه لا بد من تجربة فكرة التضحية، حتى ولو كانت تضحية يسيرة لا تتعدى أن «ينثبروا» في منازلهم لأن خطة «أحب المضحين ولست منهم» لن تنجح هذه المرة.

· قد يكون مفهوما - على مضض - أن يكون الإنسان شجاعا مقداما لا يهاب «الفايروسات»، أو يائسا محطما لا يشكل له الموت فارقا في حال كان الضرر من تصرفاته «الشجاعة» ضررا غير متعد، يخصه وحده فقط، أما في حالة كون تصرفاته تشكل خطرا وتهديدا لحياة الآخرين فإن هذه أنانية لا تبررها الشجاعة.

· سيعاني الأنانيون كثيرا في هذه الأزمة ليس لأنها صعبة وحسب، بل لأنها تختلف عن كل ما سبق أن جربوه من قبل، لأن حلها يعتمد على الجميع دون استثناء، الجميع مشارك في الحل أو في زيادة المشكلة، سواء أراد أم لم يرد، ومعضلة الأنانيين أنهم لا يحبون المشاركة، هم متعودون على المشاركة في صنع الأزمات والاستمتاع بنتائج الحلول دون أن يقدموا أي شيء.

· رغم ما في الأوقات الصعبة من الألم والخوف والقلق إلا أنها دائما تتميز بأمرين، أحدها تشترك فيه مع أوقات السعة والرخاء والأمان، وهي أنها لن تدوم وسيأتي لحظة وتصبح ماضيا، والثاني يخص الأوقات الصعبة وحدها، وهو أن هذه الأيام تصهر الناس وتبرز معادنهم الحقيقية، يظهر الكل على حقيقته المجردة وهو أمر لا يتأتى في أوقات السعة.

· الجميع متساوون في فكرة الراتب هذه ولكن الأعمال ليست متشابهة، حين تكون جنديا في الجبهة وأحد مهام عملك أن تموت إن لزم الأمر، أو منتميا للمجال الصحي وتكون مهمة عملك هي أن تنقذ الآخرين حتى لو كان ذلك يعني أن تكون أنت عرضة للمرض، فالحديث هنا عن «أنها مجرد وظيفة» سيكون حديثا غاية في السخف والأنانية والابتذال.

· أعلم يقينا أن الأزمة أربكت حتى أكثر الدول تقدما وتطورا في النظام الصحي، وكل ما أتمناه أن يكون استعداد الوزارة يليق بالمديح الذي تتلقاه مجانا أحيانا ومدفوعا في أحايين أخرى.

· لدي حساسية مفرطة من المديح المبالغ فيه لأي عمل، وأخشى أن تنجرف الوزارة من الاهتمام بالإنجازات الحقيقية إلى المنطقة التي يكون فيها الحديث عن الإنجاز أهم من الإنجاز نفسه، أن يكون اهتمامها بصورتها الإعلامية أكثر من الاهتمام بمرضاها.

· أحترم الأعداء الواضحين، الذين يشهرون بنادقهم في الوجه مباشرة، الذين يخبرونك بوضوح أن هدفهم هو وضع حد لحياتك، هؤلاء يسهل التعامل معهم، وتفهم دوافعهم مهما كانت مؤذية، ويمكن التعامل معهم بالمثل وأظنهم يتقبلون ذلك ويرونه وضعا عادلا.

· لكن الأنذال الذين يبيعون الموت في علب الحياة، الذين يرون في كل كائن متحرك فرصة لزيادة أرصدتهم بأي طريقة، الذين يعتبرون الخسة أسلوب الحياة الأفضل، هؤلاء لا يستحقون الشفقة ولا الرحمة وسيعيشون أنذالا ويموتون أنذلا. هم أرذل وأحط حتى من أن يكونوا مجرمين.

· حين ندخل إلى الصيدلية أو المشفى فإننا ندخل بشعور الأمان باحثين عن أمل الشفاء، وأن هذا لمكان هو المكان الأخير في هذا الكوكب الذي لن يدخله الغش والتلاعب. وفي هذا الظرف تحديدا الذي يتوب فيه المجرمون نستبعد فكرة أن هنالك من يراه فرصة لمزيد من الخسة والنذالة ولإجرام.

agrni@