حياة محمد العلياني

كورونا وفخ الإعلام

الخميس - 27 فبراير 2020

Thu - 27 Feb 2020

لو تأملنا حالات القلق من فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم لوجدنا أن المبالغة أكبر من الأعداد الحقيقية المصرح بها رسميا، ولتبينا أيضا أن ربط الفيروس في الغالب هو شأن اقتصادي أكثر من كونه وباء، وإبقاء الشعوب في تبعية الإعلام الذي اعتبروه الترجمة الفورية لكل الأحداث بكل وسائله المتنوعة، ودوره الكبير جدا في تكوين الرأي العام وتأثيره على السياسة والاقتصاد، بما أنه يعد سلاحا ذا حدين، وبشكل عام على خلاف الوعي الموضوعي للواقع في أحيان كثيرة.

نظرا لهذا التأثير العميق دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، إلى التريث قبل تقييم أثر فيروس كورونا المستجد على اقتصاد الصين والاقتصاد العالمي، لكنها أكدت أن أي تأثير على اقتصاد الصين يلقي بتداعياته على الاقتصاد العالمي، فالأحداث المتسارعة تخبرنا بأن فيروس كورونا سبب قلقا كبيرا للعالم، فقد أصاب القطاع السياحي في كل الدول السياحية المشهورة عالميا، بما في ذلك قطاع السفر والطيران، وكذلك في أسواق النفط والغاز.

الواقع أن التحديات تفرض أحيانا حالات من التوتر والقلق نجدها متعدية في الفروق والنتائج، وقد أرهقت الإنسان المعاصر لأن المتناقضات وتعظيم المخاطر أصبحت كتبا مفتوحة يقرؤها كل يوم، وقد يأخذ ببعضه في ظل غياب دقة المعلومات أو الشك فيها، حيث تشيع حالة من الخوف والهلع تؤثر سلبا على الأسواق المختلفة كانهيار الأسهم في السوق الصينية، وأخذ هذا التضخيم مأخذا كبيرا أتى بنتائج عكسية، وأسهم في ترتيب الضرر في أسواق النفط وأوبك.

وفي غمرة الأحداث وتداعياتها والمدلولات الكامنة خلف مؤثرات المتلقي والشعور بالخوف لما تتناقله وسائل الإعلام عن انتشار الفيروس السريع، نتساءل من المستفيد والرابح من تفشي فيروس «كورونا» وخسارة الصين؟ انطلاقا من إثارة الرعب وتضخيم الحالة في الإعلام، الذي أدى إلى تخوف المستثمرين بشأن التأثير الاقتصادي، والذي أدى أيضا إلى المجازفة في بيع الأصول، والبحث عن المعدن الثمين الذهب كملاذ آمن.

لعل من أبرز المستفيدين شركات الأمصال واللقاحات التي أضافت ملايين الدولارات إلى قيمها السوقية، مستفيدة من تنامي المخاوف بشأن تفشي فيروس كورونا الجديد، في ظل التوقعات السائدة بارتفاع مبيعاتها، حسبما تظهره مؤشرات ناسداك في بورصة نيويورك.

ولكن في آخر المستجدات أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية لوسائل الإعلام، تيدروس غيبريسوس أنه استنادا إلى دراسة أجراها «المركز الصيني لمراقبة الأمراض والوقاية منها»، شملت أكثر من 72 ألف مصاب بمرض كوفيد-19 الناجم عن الفيروس، فقد ثبت أن أكثر من 80% من المرضى مصابون بنوع حميد من هذا المرض.

كذلك أظهرت الدراسة أن نسبة الوفاة بفيروس كورونا المستجد ضئيلة لدى من تقل أعمارهم عن 40 عاما، إذ لا تتجاوز 0.2%، ثم تزداد تدريجا مع التقدم في العمر، ويشير تناقص أرقام الإصابات إلى نجاح إجراءات الصين الصارمة الرامية لاحتواء الفيروس، لولا وجود ثغرات في مكافحة كورونا، وذلك ما قاله الرئيس الصيني شي جينبينغ وفق تصريحات نقلها التلفزيون الوطني «يجب استخلاص العبر من الثغرات الواضحة التي ظهرت خلال الاستجابة إلى الوباء».

من هنا، يمكن أن نصل من خلال هذا النص إلى أن القراءة الموضوعية للأحداث مطلب لعلاقة استمرارية بين العقل والعالم، ومعرفة تحض على فهم وتحليل التطور الذي حدث بواسطة تقنيات الإعلام والتواصل، ووسائلهما التي أثمرت عن نقطة ميلاد جديد لعالم أهم مفاهيمه اقتصادية ونتائجه مختلفة عن غيرها، وكذلك أهم ما فيه نمط الإنتاج وقوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج والربح والخسارة، ومن ثم تأتي بعدها في الأهمية حالة الإنسان النفسية ككيان وروح.

HayatAlalyani@