عبدالله محمد الشهراني

طائرة في بحور الشعر

الأربعاء - 26 فبراير 2020

Wed - 26 Feb 2020

أعتقد أن القريحة الشعرية تكون في أوجها أثناء السفر، خاصة بالطائرة، شعر يتهادى بين الوداع والحزن تارة، وفي وصف الطائرة أو بالتشبيه بها كمثال للسرعة تارة أخرى، أو فوبيا الطيران تنتاب الشاعر فيكتب باضطراب ورعشة، لكن وبكل تأكيد يذهب نصيب الأسد من قصائد الطائرة إلى الغزل.

قريحة الشعر التي تجعل الشاعر ينظر يمينا وشمالا باحثا عن أي ورقة يسكب فيها حروفه الزهرية، واصفا جمال مضيفة أو مسافرة. قصائد يتلهف عليها الملحنون والمطربون من جمالها وصدق كلماتها.

وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي يصف الطائرة بكل دهشة قائلا: جل شأن الله هادي خلقه/ بهدى العلم ونور العلماء، زف من آياته الكبرى لنا/ طلبة طال بها عهد الرجاء، مركب لو سلف الدهر به/ كان إحدى معجزات القدماء، حمل الفولاذ ريشا وجرى/ في عنانين له نار وماء.

وفي الستينات وعلى طائرة الخطوط السعودية كتب الشاعر الكبير طاهر زمخشري وهو عائد من تونس قصيدته واصفا إحدى المسافرات: من شوقي لك يا زين بأطير من الفرحة/ أسرع من البوينج يا لابس الطرحة.

قصيدة جميلة بجمال كاتبها وملحنها الأستاذ غازي علي، ومن تغنى بها أيضا الفنانة هناء الصافي.

شركة بوينج لها حظوة لدى الشعراء، فبجانب قصيدة «أسرع من البوينج»، كتب أيضا الشاعر الأمير خالد بن تركي «المنتظر» قصيدة مطلعها «طائر البوينج في الجو ظهر/ خفق القلب له عند السفر»، تغنت بها الفنانة هيام يونس. والقصيدة العزيزة على قلبي التي كتبها الشاعر إسماعيل حسناوي «جامبو السعودية لاحت معدية/ في شعارها بادي عز مجد بلادي/ وباسم الله طيري ومحمية، دائم على الإقلاع أسطولنا عملاق/ يروي حضارتنا يشهد بنهضتنا/ وباسم الله طيري ومحمية»، حولها إلى لوحة فنية الأستاذ طلال مداح، ومن غير أبو عبدالله لها.

طبعا ولن ننسى القصيدة الأشهر في عالم الطيران للشاعر اليمني «يسلم علي باسعيد» الذي طلب النزول من الطائرة رأفة بمحبوبه الذي بكى عليه مودعا «في سلم الطائرة بكيت غصبا بكيت/ على محبين قلبي عندما ودعوني، أشوف محبوب قلبي بين نخلة وبيت/ يناظر الطائرة يبغى يحرك شجوني، فعلا أنا عندما شفته بعيني بكيت/ وقلت بالله يا أهل الطائرة نزلوني»، ولا أعتقد أنني في حاجة لذكر من لحن القصيدة وتغنى بها (طلال يا جماعة طلال).

ولشاعر جازان الكبير الأستاذ محمد بن علي السنوسي رحمه الله قصيدته «شد الحزام» حين تظاهر أمام المضيفة بأنه لا يعرف كيفية ربط حزام مقعد الطائرة «شد الحزام تقولها وأقول لست أجيد حزمه، أنا خصم كل يد سواك تشده وتفض ختمه، مدت أناملها تزيح خصائل كالليل ظلمة، فبدا ضياء الفجر فوق جبينها نورا ونسمة، قلبي يحب وإنما في حبه خلق وحشمة، ويهيم بالغيد الحسان ولا يبيح لهن حرمة».

السماء والسحب والطائرة والسفر.. تجلب السعادة وتستحضر الفن والحب.

ALSHAHRANI_1400@