مرزوق تنباك

بين شاعرة وناقدة

الثلاثاء - 11 فبراير 2020

Tue - 11 Feb 2020

عقد ملتقى النص دورته السادسة عشرة في نادي جدة الأدبي والثقافي، تحت عنوان عريض «تحولات الخطاب الأدبي السعودي في الألفية الثالثة»، وهو عنوان يحمل معنى التحول والانتقال من مرحلة نصية إلى محاولات لنصوص مفتوحة على كل الاتجاهات التي تثري الساحة الأدبية الواعدة بأقلام الشباب وتطلعاتهم، ومن أهم التحولات في الأدب المحلي تحول الشباب من المنظوم إلى المنثور، ولا سيما الرواية والسيرة والقصة، حيث غطت هذه الفنون مساحة كبيرة من المؤلفات التي صدرت منذ مطلع الألفية الثالثة حتى اليوم، وظهرت بقوة وتصميم مشاركة المرأة في هذا المجال والتحول المهم، حتى قيل إن ما صدر خلال عشر سنوات زاد على ثلاثمئة رواية وقصة لكتاب محليين، كان للفتيات نصيب الأسد منها، ولم يعد هناك مجال للشعر والشعراء إلا قليل.

ومن القليل ما نقرؤه في هذا المقال لناقدة تتابع، وشاعرة تبدع مع زحام الروايات والقصص التي تفيض بها ساحاتنا الثقافية، تأتي الدكتورة تيسير الشريف فتتحف القراء بدراسة عن شاعرية النص، وليس النص الشعري مطلقا، بل النص الأنثوي خاصة، في نظرة علمية تستدرك بهدوء على القصاص والروائيين من الرجال والنساء ما تجاوزه نظرهم، وتخرج من ذلك الطوفان الروائي والقصصي للمرأة إلى الشعر برحابته ومكانته التاريخية والمعاصرة، حيث تحاول أن تعيد للشعر والشعراء شيئا من السطوة والسلطة التي فقدوها أمام المد الروائي الجارف، ومع ذلك فستقع في حبائل المرأة مرة أخرى، لكن في حبائل امرأة شاعرة وليست امرأة راوية ولا امرأة قاصة، وما دمنا في محيط المرأة وبالجانب الأنثوي منها فليكن الشعر هو المعبر عن هذا الجانب الذي ملأ به الشعراء دواوين الشعر منذ كانت المرأة وكان الشعر وكان الرجل الذي يصنع الشعر في أنوثة المرأة وجمالها لا في غير ذلك.

لكن حتى هذا المعهود والمعروف لدى الناس سيختلف أيضا، سيكون الشعر الذي يتحدث عن النص الأنثوي إبداع امرأة وليس إبداع رجل، وهو شأن جديد أن تكون المرأة شاهدة على ذاتها معبرة عن واقعها وتجربتها الخاصة، هذه المرأة الشاعرة المعبرة عن أنثوية النص هي الدكتورة أشجان هندي، المرأة التي تتحدى العرف والتقليد، وتقلب السحر على الساحر، وتشد الحبل من طرفه الآخر، وهي من تختار أنثوية الشعر وتعبر عنها، وتنطلق من داخل التجربة لا من خارجها. ويكون المتلقي والدارس للأنوثة الشعرية امرأة أخرى هي الناقدة الدكتورة تيسير الشريف، حين تختار وتحلل نبضات فؤاد المرأة في شعرها الأنثوي، أحسنت الدكتورة تيسير الاختيار حين عمدت إلى دراسة إبداع الدكتورة أشجان هندي وعرضت تجربتها الشعرية، وهي تجربة وموهبة فنية تعاملت مع جمال الشعر ووصف المرأة، وما تحمل الأنوثة من دلالات نصية تصوره الشاعرة بريشتها ورسم كلماتها، وتجسده الناقدة والدارسة بذائقتها الفنية، حيث تضفي على النص جمال الاختيار وتفسير الدلال الذي يعنيه الجمال وتحتمله شفافية اللغة. إبداع الشاعرة واختيار الناقدة أضفيا كثيرا من وهج اللغة الشاعرة والصورة الناطقة بالجمال.

ومن هنا تكون أهمية الدراسة التي قدمتها الدكتورة تيسير (شاعرية النص الأنثوي في شعر أشجان هندي)، حيث المرأة هي الشاعرة والمرأة هي الدارسة الناقدة، والموضوع أيضا شأن أنثوي تصوغه الأنثى شعرا، وتلتقطه الأنثى دارسة نثرا.

Mtenback@