عبدالله قاسم العنزي

دعوى التخليص من كفالة الخسيس

الاحد - 02 فبراير 2020

Sun - 02 Feb 2020

بكل بساطة ودون تعقيد، ابتداء نقول إن الكفالة هي عقد يلتزم به الكفيل تجاه الدائن، بتنفيذ التزام المدين إذا لم يقم الأخير بسداده، وما حلت النكبات - بالطيبين - إلا فزعة الكفالة إما كفالة حضورية أو الأشد شرا منها؛ كفالة غرم وأداء، ويسميها بعض الفقهاء «الضمان».

حديثنا اليوم عن الكفالة قد يكون غريبا من نوعه على بعض القراء، باعتبار أن هنالك بدائل قضائية تستطيع من خلالها إذا رفع عليك دعوى صاحب الحق (المال)، سواء صدر ضدك حكم قضائي أو لم يصدر؛ أن تتقدم بدعوى ضد مكفولك تطالبه بتخليصك من الكفالة، وتسمى هذه في القانون (دعوى التخليص)، بشرط أن تكون الكفالة بناء على طلب المكفول وليست تبرعا، وألا يكون التنفيذ على المكفول متعذرا، وتبقى هذه الدعوى مسألة وقائع تخضع لسلطة قاضي الموضوع التقديرية، لكنها جزء مهم من حل مشكلة قضائية تطاردك حتى في منامك!

أقول: هذا إجراء لا يبرئ ذمتك المالية، لكن يخلص رأسك من وجع إيقاف الخدمات والسجن وغيرهما من الإجراءات التي قد تترتب على هذه «الفزعة اللي ما سميت فيها».

أولا: تعاهد نفسك بألا تتورط في مثل هذه المجاملات التي جرت الحزن والأسى على كثير من الطيبين أمثالك، فاليوم مع الأسف النفوس صابها الشح ونادرا ما تجد من يصدق بوعده.

ثانيا : ترفع دعوى بالطرق المعتادة عن طريق النظام في موقع وزارة العدل، وتكتب دعواك وتذكر فيها أنك كفلت المدعى عليه كفالة غرم وأداء - بطلبه، وتذكر مقدار المبلغ المتبقي، وأن صاحب الحق يطالبك بحقه، وتطلب بأن تحكم لك المحكمة بتخليصك من المطالبة، وذلك بإلزام المدعى عليه - المدين المكفول - بالسداد لصاحب المال.

ثالثا: ذكرنا أن هذه المسألة تخضع لتقدير قاضي الموضوع، فقد لا يقتنع القاضي بتخليصك من الدين المؤجل، فلك أن تسبب طلبك بظروفك، وتطلب أن يخلصك بالمبلغ المؤجل - الأقساط المتراكمة مثلا - وأن تلتزم بكفالتك بالقسط الحال، فهذا بديل آخر قد تقتنع المحكمة به، وتصدر حكمها بتخليصك من الديون المؤجلة.

إذا صدر لك حكم بأي من الصورتين المذكورتين واكتسب صفة القطعية كبر الوسادة ونم قرير العين، لأن الدائن استنادا إلى هذا الحكم سينتقل بالمطالبة إلى الأصيل المكفول، ويرفع عنك إيقاف الخدمات وغيرها من الإجراءات الأخرى، كالمنع من السفر أو السجن.. إلخ، أما إذا عسر مكفولك أو مات فأنت ملزم بالسداد لصاحب الدين، لأنك تقوم مقام الأصيل بالأداء.

ما أختم به المقال أن مثل هذه الدعوى لا يقبل القضاء سماعها إلا إذا كانت الكفالة بطلب من المكفول، وليست ابتداء من الكافل، بمعنى إذا كنت في مجلس وضربت على صدرك في مبايعة ونحوها، وقلت للبائع فلوسك عندي! فأنت هنا تبرعت في الكفالة، ولا يسمع القضاء دعوى التخليص نهائيا، وإذا لم يرفع عليك صاحب الحق دعوى في المحكمة بالمطالبة بالمال أيضا فإن القضاء لا يسمع دعواك، باعتبار أنه لم يقع عليك الضرر.

على عجالة، مثل هذه الحلول القضائية والقانونية ثمرتها أنها تنقل المطالبة من الكفيل إلى المكفول، وتطبق عليه الإجراءات كالسجن أو إيقاف الخدمات عند امتناعه عن تنفيذ الحكم، ويسلم راسك يا الطيب، ولا تعاود الفزعة مرة أخرى! إلى اللقاء في حديث قانوني جديد.

@ABDALLUHALANZI