عبدالله محمد الشهراني

زارع التفاؤل

الأربعاء - 29 يناير 2020

Wed - 29 Jan 2020

(شخص مسوي نفسه سياسي... والله شكلها الحرب العالمية الثالثة قربت)، أو يتظاهر بالثقافة ومخزون المفردات الطنانة الرنانة قائلا «إني لأسمع طبول الحرب تقرع». وآخر يحمل درجة الدكتوراه ينتهي من محاضرته الأولى مع طلبته المستجدين، ليستشرف لهم المستقبل وهو ينظر من خلال النافذة رافعا رأسه إلى الأعلى قائلا «الله يعينكم على زمانكم.. اللي تخرجوا الآن ما عندهم وظائف، أجل أنتم ويش رايح يصير فيكم؟». وسيدة تدعي الحكمة وخبرة الأيام تهمس في إذن فتاة مقبلة على الزواج قائلة «لا تستعجلي، الزواج مسؤولية، حمل وولادة، أشغال بيت، وزوج وطلبات، وشغلات كثيرة، بس مو حابه أخوفك من الفكرة.. لا يا شيخه!!».

حقيقة لا أعرف المردود الذي يكسبه ذاك الشخص الذي ينشر السلبية، ما الشعور الذي ينتابه وهو يرى الخوف في أعين المستمعين إليه. أعداء التفاؤل يمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أنواع: الأول لديه معلومة صحيحة عن قضايا قديمة أو حالية، ونشر هذه المعلومة لغير المختصين وطرحها للعامة لا فائدة منه سوى نشر الخوف وإثارة البلبلة والتوتر والقلق. وهذا النوع من الناس يحب أن تكون الأضواء مسلطة عليه (يعني أنا شخص مثقف ومطلع). ونوع آخر يتحدث عن أمور مستقبلية، مجرد تنبؤات وتوقعات مبنية على معطيات معينة، وهنا تكمن المصيبة، إذ لِم ينشر أحدهم توقعات وتنبؤات وقراءة للمستقبل مفزعة وفي غاية السلبية وهي غير مؤكدة بالأساس؟! النوع الثالث أشخاص كذابون ودجالون، لا معلومة صحيحة ولا معرفة ولا علم، متشائمون بطبيعتهم، وهذا النوع خطير، بل ومعد أيضا.

ليتني أعرف الكلفة التي تتطلبها زراعة التفاؤل. نعم زراعة، لأن مردودها سوف يحصد على عدة أشكال. إن ثمار التفاؤل كثيرة ولا حصر لها «الأمن والطمأنينة، الحماس والاجتهاد، المحبة والتعاون، المبادرة والإقدام، العطاء والإنفاق، السعادة والفرح... إلخ»، حتى اقتصاديا هناك ثمار للتفاؤل «تحسن القوة الشرائية، ارتفاع الأسهم، النمو في الإنتاج... إلخ».

إن التفاؤل هو الروح التي تصنع الأمل وتريح القلوب وترسم الرضا على الوجوه. تفاءلوا بالخير تجدوه أمامكم. انثروا التفاؤل في بيوتكم، في أعمالكم، في محيطكم، في مجتمعاتكم، وثمار ذلك سوف تحصد عاجلا وآجلا.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل، وقد سأله الصحابة رضي الله عنهم فقالوا: «وما الفأل؟»، فقال لهم: «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم». أي: الكلمة التي تجعله يحسن الظن بربه، وتشرح صدره، وتريح فؤاده.

ALSHAHRANI_1400@