علي السرحاني

بيجر الأطباء

السبت - 25 يناير 2020

Sat - 25 Jan 2020

صليت الجمعة في مسجد أحد المستشفيات، وصلى بجواري طبيب، وأثناء الخطبة تلقى استدعاء عبر البيجر، فلم يتحرك، ثم تكرر عليه الطلب فانسلخ من بين الصفوف وزال من أمامي زوال الشمس باتجاه المغيب ليجيب النداء الآلي، بعدما أجاب النداء الإلهي.

ومهنة الطب مهنة إنسانية نبيلة في المقام الأول، أساسها الرحمة ورسلها الأطباء.

وهي لا تقل أهمية ومنزلة عن الدعوة إلى الله، قال الشافعي «بحثت في العلوم فما وجدت بعد الشريعة أشرف من علم الطب». ومن لوازم الأطباء ما يعرف بالنداء الآلي البيجر، فأكثر من 90% من مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية -مثلا - تستخدم أنظمة اتصالات تدور حول البيجر، حيث يستقبل مركز الإرسال الرسالة، ومن ثم يتصل بالطبيب عندما يكون في حالة «تحت الطلب»، وعند حصول الطبيب على الرسالة يرد بمكالمة.

ويعد تردد رنين البيجر إيحاء خاصا للطبيب، يدفعه للرد على الفور. وقد كان هذا الجهاز إبان ظهوره ثورة تقنية استفاد منها كثيرون، وعلى رأسهم الأطباء الذين كانوا أول من استخدمه وآخر من استغنى عنه، فقد كانت فئة الأطباء الاستشاريين وبعض الجهات الحكومية، والعاملون في وظائف حساسة، من أوائل مستخدمي جهاز البيجر، خاصة في المستشفيات. ويعد الجهاز اقتصادي التكلفة، وبالمقارنة بالهواتف المحمولة، فإنه لا يحتاج لإعادة شحن فقط يلزم تغيير البطاريات كل بضعة أشهر، وهذا ما يجعله الجهاز الأفضل للاستخدام في حالات الكوارث الطبيعية، مثل قطع أبراج الاتصال وغيرها من الحوادث، وهو مأمون الجانب على أجهزة الكشف ومعاينة المرضى والأشعة، بخلاف الجوال الذي تقوم بعض الجهات بإضعاف وقطع شبكته داخل مبانيها لسلامة المرضى والاكتفاء بجهاز النداء الآلي.

ودخل البيحر السعودية قبل 24 عاما تقريبا، ففي 28 من رجب 1412 غزا الجيوب، وكانت حمى نشوء مراكز أجهزة الاتصالات قد توسعت في الانتشار في مختلف المدن بالاعتماد على مبيعاته، وكان سعر الجهاز الواحد يتراوح بين 1500 و5000 ريال، وقد انخفض عدد مستخدميه من 61 مليون مستخدم عام 1994 إلى أقل من ستة ملايين في أنحاء العالم كافة.

وأصبح سعره لشح الطلب يصل إلى أقل من 100 ريال، وما هي إلا سنوات قليلة حتى أزاحه الهاتف المحمول من قائمة اتصالات المواطنين، وفي منتصف 2005 بات يستخدم فقط في بعض المنشآت الحكومية والخاصة كالمستشفيات وصلاة الأطباء وهم من ذوي الأعذار، يترخص لهم في حضور الجمعة والجماعات، وقد عد السيوطي نحو أربعين عذرا للتخلف عن صلاة الجماعة، وذكرها غيره من الفقهاء أيضا، من هذه الأعذار «القيام على المريض» والعناية به.

أعجبتني لفتة رائعة من الخطيب الذي ختم خطبته بالدعاء بالشفاء للمرضى، والعون للأطباء والقائمين

على خدمة المرضى.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال