أحمد الهلالي

محتوى الخدمات الالكترونية والمواطنون!

الثلاثاء - 21 يناير 2020

Tue - 21 Jan 2020

من المميزات لهذه المرحلة التقنية بامتياز أن الوزارات والجهات الحكومية والخاصة تتسابق للإفادة من أبعادها، والتيسير على الناس، وهذا مما يحمد لهذه الجهات، فلو أخذنا نظام (أبشر) لوزارة الداخلية مثالا على التسهيلات التي حصل عليها المواطنون والمقيمون، سنجد أن جل معاملاتهم أصبحت تحل عن طريق الجوال، ومثلها أنظمة البنوك، وقد شاهدت في الجناح السعودي بمعرض الشارقة الدولي للكتاب عرضا شيقا لنظام المرافعات القضائية الذي أطلقته المحكمة الإدارية (ديوان المظالم)، وغيرها كثير من المنظومات الالكترونية التي وفرت الوقت والجهد على المواطنين والجهات.

نحمد الله كثيرا على سرعة تحول بلادنا نحو الرقمية، وتحقيقها مراكز عالمية مرموقة في هذا الاتجاه، لكن ما كتبت هذه المقالة من أجله هو جودة محتوى الخدمات الرقمية، فمعظم هذه التطبيقات تعتمد على اللغة العربية، وأحيانا نصطدم بمصطلحات ليست مفهومة، أثناء قراءة الخطوات للإفادة من الخدمات، نتوه في استيعاب دلالتها، ونظل نجرب حتى نحصل على النتيجة المرجوة، فعلى الرغم من عربيتها إلا أن دلالتها ليست دقيقة.

وعلى مستوى الرسائل النصية، بعض الجهات تصطنع لها اختصارا إنجليزيا من ثلاثة أو أربعة أحرف، تأتي بديلا عن رقم المرسل أعلى الرسالة، ثم لا تضع تعريفا بالجهة في المحتوى، وقبل شهر كنت في مجلس وبجواري أحد كبار السن (يقرأ ويكتب)، أخرج جواله، وقال: جاءتني رسالة وقرأتها لكن لا أدري من أي جهة، فحاولت فك الغموض، لكنني أيضا لم أستطع، فهو يراجع عددا من الجهات، ونص الرسالة يمكن تأويله على كل تلك الجهات، فلم نهتد إلى الجهة إلا بالدخول إلى قوقل ثم كتابة الرمز، وبعد محاولات وجدناه يخص (حساب المواطن).

لا بد أن تضع الجهات الحكومية والخاصة في اعتبارها أن شرائح واسعة من المواطنين لا يجيدون الإنجليزية، ولا يستطيعون التعامل مع منتجات الذكاء الاصطناعي بالكيفية التي يتعامل بها الجيل الحديث، ومن هنا يجب استخدام اللغة العربية الواضحة، دقيقة الدلالة، والبعد عن الترميز بالحروف اللاتينية؛ خدمة للغة العربية من جهة، وتيسيرا على المواطنين من جهة أخرى.

إن تضافر جهود التقنيين واللغويين، والتقاءها من أهم الخطوات التي يجب ألا نتأخر عنها، فهذه المرحلة تعتبر مرحلة تأسيسية ستنبني عليها مراحل قادمة في ظل التحديث والنهضة الرقمية الكبرى التي تعيشها بلادنا، وتمثلها عربيا، وستستنسخها دول أخرى للإفادة منها، فلا بد أن نضع موضوع اللغة العربية والذكاء الاصطناعي هدفا رئيسا لا نحيد عنه، ولا يعني هذا عدم الإفادة من طاقات اللغات الأخرى، بل يعني إن لم نخدم العربية ونستخدمها، فمن سيفعل ذلك؟

ahmad_helali@