عبدالله المزهر

احتفظ بتعاطفك وافعل شيئا مفيدا!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 15 يناير 2020

Wed - 15 Jan 2020

ربما لأني شرير إلى حد ما لم يتح لي من قبل التعرف عن قرب على الأعمال الخيرية وأعمال الجمعيات التي تقدم خدماتها للناس.

وربما لأني أناني بعض الشيء لم يتح لي من قبل التعرف عن قرب على أشخاص يسخرون وقتهم وجهودهم من أجل الآخرين، أنا أفهم فقط في العمل الذي ينفعني. فكرة خدمة الآخرين تبدو لأمثالي فكرة أنانية ومثالية إلى حد ما.

في هذا الأسبوع أتيحت لي فرصة لزيارة جمعية سواعد للإعاقة الحركية بالمنطقة الشرقية، والتي لا شك أن مثلها كثير من الجمعيات المتخصصة في كل منطقة لم يتح لي معرفتها ولا التعرف عن قرب على آلية عملها، ولا كيف تقدم خدماتها.

لفت نظري أن من أهم ما تركز عليه الجمعية هي فكرة التوعية المجتمعية باحتياجات ذوي الإعاقة، والتركيز على أنهم ليسوا بحاجة للشفقة واختراع مسميات «مثالية» مثل ذوي الهمم، والاحتياجات الخاصة، وبقية المسميات التي تأكد لي أن ذوي الإعاقة يكرهونها أكثر من الإعاقة نفسها.

هم يريدون فقط أن يتعامل معهم المجتمع دون تمييز، وأن يعترف بوجودهم اعترافا فعليا وليس لفظيا. هم يعتبرون عدم تعديك على المواقف المحجوزة لهم خدمة جليلة وعظيمة وأكثر تأثيرا من عبارة «أنتم في قلوبنا». اترك مواقفهم وضع في قلبك أشخاصا آخرين، وتكون بهذا قد قمت بعمل عظيم سيكون محل تقديرهم وامتنانهم، لا شك في ذلك.

هذا على المستوى الشخصي، أما على مستوى المؤسسات والشركات والمحلات والدوائر الحكومية وأمانات المناطق، فإن توفير الممرات والمداخل الخاصة وجعلها إجبارية ضمن أي تصميم للمباني الخاصة أو العامة بهم سيكونان عملا أكثر صدقا وفائدة من طباعة المنشورات وإظهار التعاطف الإعلامي.

وعودة على جمعية سواعد ومنسوبيها اللطفاء، فقد تعرفت على خدمات يقدمونها لذوي الإعاقة الحركية، كالزيارات لحديثي الإعاقة، والمساعدة في تأهيل المنازل، وإضافة ما يحتاجه صاحب الإعاقة ليتحرك بحرية مستغنيا قدر الإمكان عن مساعدة الآخرين، وتقديم الدورات التدريبية والتأهيلية، سواء لأصحاب الإعاقة أنفسهم أو لذويهم.

ومن الخدمات اللطيفة حدمة التوصيل، حيث يوجد لدى الجمعية عدد من السيارات ـ ويطمحون في المزيد ـ لنقل ذوي الإعاقة إلى أي مكان يريدون، سواء لمراجعات صحية أو حتى مشاوير ترفيهية.

توجد لديهم أيضا ورش متنقلة لصيانة الأدوات التي يستخدمها ذوو الإعاقة مثل الكراسي المتحركة، والتي فاجأني أن أسعارها مرتفعة بشكل يكاد يكون قريبا من أسعار بعض السيارات.

وعلى أي حال..

أعلم أنه يوجد كثير من الجمعيات العامة أو المتخصصة التي تقدم خدمات مثل التي تقدمها «سواعد لذوي الإعاقة الحركية في المنطقة الشرقية»، وأعترف بالتقصير في محاولة التعرف عن قرب على مثل هذه الجمعيات، أو حتى الترويج لخدماتها ومساعدتها في نشر رسالتها، وغالبا ما تكون المشاركات الإعلامية في مثل هذه الأمور مغلفة بطابع الشفقة البغيض، والكلام المكرر الذي لا يقدم فائدة ولا يشرح شيئا لمن يريد أن يقدم شيئا مفيدا.

agrni@