عبدالله المزهر

الحب في زمن الأمركة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 13 يناير 2020

Mon - 13 Jan 2020

يقول شاعر العرضة الجنوبية صالح اللخمي في إحدى القصائد التي قيلت بعد موت أميرة ويلز في باريس:

«ليتنا وقت الحدث كنا نصيّف في ضواحي لندن، كان صلينا على الفايد وشيعنا جنازته».

وفيما يبدو أن أمنيته الحقيقية هي التصييف في ضواحي لندن، وليس الصلاة على الفايد، وأنا هذه الأيام المباركة التي يتصدر فيها ليفربول ويعبث بفرق العالم تراودني رغبة جامحة في السفر إلى بريطانيا العظمى، ومحاولة إصلاح ذات البين بين الملكة وحفيدها ـ ابن ديانا التي كان اللخمي يريد أن يحضر عزاء صديقها، وكما هو معلوم فإن الأمير الصغير قرر هو وزوجته الدوقة الأمريكية مغادرة العائلة المالكة، وهو قرار غريب بالنسبة لنا معاشر الناس العاديين، فنحن نحلم بحياة الأمراء ونسمي أبناءنا (أمير وأميرة) من باب «إذا فاتك اللحم فاشرب من المرق».

الذي يسمي ابنه أمير أو يسمي ابنته أميرة يريد لهما أن يشعرا ولو وهما بالحياة التي تركها هاري خلفه وباعها دون أن يرف له جفن. وهذا الأمر أغضب البريطانيين كثيرا، وأظهرت استطلاعات الرأي تراجعا في شعبية الأمير وزوجته، وطالبوا بسحب جميع الامتيازات التي كان يحصل عليها، وأن يعيد قيمة المنزل الذي يسكنه لأنه من أموال «دافعي الضرائب» ـ نسأل الله السلامة ـ وحياة الأمراء لا شك أنها أكثر إغراء من حياة المواطنين، ولذلك لا تجد أحدا من الأمراء في هذا الكوكب يسمي ابنه أو ابنته «مواطن أو مواطنة»، فالحياة العادية ليست حلما فيما يبدو لمن لا يعيشونها. لو كان الأمر يسير في الاتجاهين بنفس الطريقة لربما سمعتم قريبا عن قراري أنا وزوجتي ترك العائلة والتخلي عن كل شيء، واختيار أن نعيش حياة الأمراء بمحض إرادتنا ودون الرضوخ لأي ضغوطات قد تثنينا عن تضحيتنا.

ولو أتيحت لي الفرصة في إصلاح ذات البين بين الملكة وحفيدها فإني سأركز في نصيحتي وموعظتي للأمير على العتب من توثيق العلاقة مع الأمريكان، وعدم الاعتبار مما يحدث لبقية الأمم، ثم إني بعدها سأخبره بأن الحياة التي يريدها قد تكون مغرية كنوع من الإجازة لكنها لا تصلح كحياة دائمة، وحين يتقدم في السن قليلا لن يكون الحب كافيا لردم حفريات الحياة العادية. العاديون يألفون هذه الحياة لأنهم لا يعرفون غيرها. وستأتي لحظة يسمع فيها من «ميغان» كلاما يدور في فلك أنه لم يفعل من أجلها أي شيء، وأنها تحملته كثيرا ولو أنها تزوجت من ابن خالتها لكانت حياتها أكثر سعادة.

وعلى أي حال ..

بعيدا عن المشكلات العائلية في ممالك الأنجلوسكسونيين فإن الكائنات السعيدة هي التي يكون منسوب الرضا لديها مرتفعا، كلما زاد الرضا والتصالح مع الواقع تكون النفس أرضا خصبة لنمو السعادة. لكن المشكلة أن الراضين أقلية في هذا العالم، الكل يريد أن يعيش حياة الآخرين، فلا الغني مقتنع ولا الفقير راض. وأنا رغم أني أبشر بالرضا والقناعة في العالمين إلا أني لا زلت واثقا من أني سأصبح فاحش الثراء وأنتظر ذلك اليوم كل يوم.

agrni@