عبدالحليم البراك

المواهب الأدنى تدمر المواهب الأعلى!

الاثنين - 13 يناير 2020

Mon - 13 Jan 2020

قانون كريشام يقول «العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة»، والناس الموهوبون هم العملة الجيدة، وهم الفئة المخلصة المنتجة. تخيل أن لديك رجلا بقيمة الذهب وزنا، وآخر بقيمة الورق وزنا وقيمة، أيهما سيبقى؟ الذي سيبقى هو الرجل الورقي الذي لا قيمة له، فالهدم أسرع من البناء، والضرر أثره أوضح من النفع، و لأنه ووفقا لقانون كريشام الاقتصادي، العملة الرديئة ستطرد العملة الجيدة، ما لم تحم النقود الجيدة نفسها من عملة رديئة، والناس هم نقود الحياة، وهم القيمة الحقيقية للعمل. وكذلك المواهب الجيدة يحدث لها ما يحدث للنقود الجيدة، سوف تتناقص وتضمر وتقل عندما تطردها المواهب الرديئة، ما لم يكن هناك نظام أو وعي يحمي المواهب الجيدة ويدعمها، لكن كيف تطرد المواهب الرديئة المواهب الجيدة من سوق العمل؟ أو من الحياة ككل، تطردها وفق الرؤية التالية:

- تتضافر المواهب الأدنى التي تحمل قيما أقل، ومبادئ مضروبة، ورؤية منعدمة مع بعضها البعض، ضد المواهب الأعلى التي - بطبيعتها - يعيش أصحابها بصفة منفصلة، فتستعمل بعض الأدوات والقيم الرديئة المبررة لدى المواهب الأدنى؛ لضرب المواهب الأعلى في صراع على سلطة، أو صراع على مال أو صراع على مكتسب محدد، فمثلا تعد النميمة والشتيمة والكذب والتدليس والغش كلها أدوات مشروعة في نظر المواهب الأدنى لضرب الآخر، فالنميمة خوفا على مستقبل المنشأة، والشتيمة صراحة، والكذب يقال من أجل المصلحة!

- الضمير المعدوم لدى المواهب الأدنى هو الآخر سلاح خفي، فالضمير كان موجودا قبل أن يسلط سهامه على المواهب الأعلى، إلا أنه بدأ يضعف عندما بدأ يستسلم لرغبات صاحبه السقيم، ثم بدأ يمرض ويمرض حتى يموت تماما، فلا يؤنب صاحبه وهو يستخدم تلك الأدوات الظالمة لضرب الآخر بيد من حديد.

- تختار المواهب الأدنى الأوقات المناسبة لضرب المواهب الأعلى، مثل غيابهم، أو عندما تكون المواهب الأعلى في أقصى درجات ضعفها، أو عند لحظة خلاف مع القيادة أو الناس، فالوقت لعبة المواهب الأدنى لضرب الآخر، وهذا ما دفع مثلا لإطلاق المثل «اتمسكن لحد ما تتمكن»، والذي يلعب على عنصر الزمن لو تأملته قليلا.

- تلعب المواهب الأدنى على استخلاف المواهب الضعيفة بديلا عنها خوفا من المواهب الأعلى أن تسرق منها الأضواء، دون أي اعتبار لمصلحة الأسرة مثلا (إن كانت هي بيئة النطاق) أو العمل أو المجتمع.

- العبث في تفسير المستقبل إحدى أدوات المواهب الأدنى في التقليل من الآخر، فهي تتنبأ بمستقبل سيئ، وتفسر المستقبل وكأنه سقوط في الهاوية، وكل هذه المحاولات المستميتة في سبيل ضرب الموهبة الأعلى بأكثر الأسلحة فتكا، واستغلال الخوف من التغيير، والذي هو طبيعة بشرية!

كيف يمكن حماية المواهب الأعلى؟ بالقانون، والوعي، وإعلاء قيمة الإبداع. هذه الثلاثة في صف الدعم، أما صف المقاومة فإدانة الكذب والكاذب، وتقليل قيمة المواهب الأدنى غير الشريفة، كلها تصب في خدمة الموهبة الأعلى، وبعدها ستتعلم المواهب الأدنى حتما أن الصراع

مشروع في ظل أدوات مشروعة، وأن ميدان المنافسة هو الإبداع لا قتل الإبداع، وأنك تملك ما يؤهلك للتفوق وهو جهدك وعملك، وما غير ذلك لا قيمة له، إلا إن صارت بيئة العمل بلا قيم و بلا أنظمة وقوانين أو بلا روح إبداعية خلاقة!

Halemalbaarrak@