القنبلة النووية لا تزال في جيبي!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 12 يناير 2020

Sun - 12 Jan 2020

عبدالله المزهر
عبدالله المزهر
منطقيا ـ والمنطق لا ينتصر دائما ـ فإنه يفترض أن يكون لكل البشر ذات الحقوق، وهذا ينطبق على الدول أيضا. إذا كان من حق دولة ما أن تصنع شيئا أو تتخذ موقفا أو تنتج سلعة أو تشتريها فإن من حق البقية أن يفعلوا، والمنطق يقول أن يكون الجميع سواسية في نظر المواثيق والمعاهدات الدولية، إذا قالت هذه المواثيق والمعاهدات إنه لا ضير من تصنيع مكعبات للعب الأطفال فإنه من حق جميع الدول أن تفعل، وإذا قالت هذه الاتفاقيات والمواثيق إن تصنيع «الشبشب» محرم دوليا فإنه ليس من حق أي دولة أن تصنع شبشبا تحت أي ظرف.

وهذا الكلام «النظري» ينطبق على تصنيع وحيازة السلاح العادي، وكذلك على امتلاك الأسلحة الأكثر فتكا كالأسلحة النووية أو الكيميائية أو ما دار في فلك مبيدات الجنس البشري هذه.

ولذلك يبدو غريبا وجود أسلحة «محرمة دوليا»، ما الذي أحلها لدول وحرمها على أخرى؟ ما الذي يجعل من حق دولة أن يكون في يدها مهمة القضاء على الكائنات الحية على هذا الكوكب وتمنع دول أخرى من السعي إلى هذه الغاية النبيلة؟

لكن بعيدا عن النظريات فإن سعي دولة مثل إيران لامتلاك سلاح نووي لا يختلف كثيرا عن فكرة أن يكون مسموحا للأطفال امتلاك بنادق ومسدسات، وإحضارها إلى المدرسة كسلاح ردع يمنع الأطفال من التعدي على ساندويتشات بعضهم البعض.

وبغض النظر عن أن إيران عدو واضح العداء لنفسها ولبقية سكان الكوكب، فإن حادث طائرة الركاب الأوكرانية التي قصفتها إيران بصاروخ يجعل المرء يتساءل: ما الذي يمكن أن تصل إليه دولة بهذه العقلية وبهذا الفكر؟

ومصدر الرعب ليس فقط «قلة الدبرة»، والخوف من التعامل مع مفاعلات نووية بالجوار كما يتم التعامل مع خزانات المياه فوق أسطح المنازل، هذا وارد ومخيف، لكن الأشد رعبا أن «عقيدة النظام» نفسها تقوم على أساس أن الخراب التام هو أحد مهامها من أجل التعجيل بظهور المهدي، والذي يبدو أنه يؤخر موعد حضوره حتى تنتهي إيران من تصنيع سلاحها النووي.

وأظن أن العالم الغربي الذي يحكم الكوكب حاليا لا يخيفه هذا الأمر لأنه ربما يعتقد أنه لا يمكن أن يصل إلى سدة الحكم في أي دولة أناس بهذه المعتقدات، هو يمنع الحصول على السلاح النووي خوفا على الكيان الصهيوني، وهذا من رحمة الله بسكان هذه المنطقة في هذه الحقبة «المنيلة» من التاريخ، لو لم يحتل الصهاينة هذه الأرض العربية وذهبوا ليبحثوا عن مكان آخر في أقاصي الأرض لما كان سلاح إيران مقلقا للغرب. ولعلي أطمئنهم بأن الكيان الصهيوني هو آخر من تفكر إيران في استخدام أي سلاح من أي نوع ضده. قد لا يكون بينهما مودة ورحمة ظاهرة لكن وجود كل منهما مهم لبقاء الآخر وتنفيذ ما يريده وما يسعى إليه.

وعلى أي حال..

من ضمن مشاكل بعض الناس الاعتقاد بأن الغرب متحضر إلى درجة أنه لا يتخذ قرارات خاطئة مبنية على جهل وعنجهية. مع أن الوضع الذي وصلت إليه المنطقة من فوضى وتخلف ووصول جماعات وميليشيات وأنظمة متخلفة إلى الحكم في هذه البقعة البائسة من الكوكب، كان نتيجة حتمية لأفعال وقرارات وتعامل «العالم المتحضر» مع هذه المنطقة. فإن كان عن جهل فتلك مصيبة وإن كان عن سابق تخطيط فالمصيبة ألعن.

agrni@

الأكثر قراءة