عبدالله المزهر

مختصر الأسبوع (27/12/26)

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 26 ديسمبر 2019

Thu - 26 Dec 2019

هذا الأسبوع هو أسبوع الكسوف، كسفت الشمس ولكن النور ما زال موجودا، في أول النفق وفي آخره، قلت خلال هذا الأسبوع أشياء كثيرة نسيت بعضها وهذا ما تبقى منها:

- الأرقام والصور والرسومات البيانية جميلة ومفيدة، لكن العاطل الباحث عن عمل لن يجد كلامك مقنعا وهو يحدثك عن حاجته وتحدثه عن أرقام لا تعنيه في شيء، خاصة إذا كان يواجه الواقع يوميا وتتكسر عليه أحلامه ورؤيته للمستقبل والحياة، ويدرك يقينا أن العلاقة بين ذلك الواقع وبين الأرقام التي تنشرها لا تختلف كثيرا عن علاقتي بكليوبترا أو نيفرتيتي.

- بعض المسؤولين غفر الله لنا ولهم يهتمون بتجميل التقارير أكثر من اهتمامهم بتجميل الواقع نفسه، ويحرصون على أن تكون الصور جميلة حتى لو كانت لا تشبه الواقع، وهذه خطة تنجح وقتيا في رسم صورة زاهية لدى المسؤول الأعلى في كل قطاع، لكنها تنكشف على المدى الطويل. إنها تشبه فكرة المرأة أو حتى الرجل الذين يجرون الكثير من عمليات التجميل ليبدوان أكثر وسامة وجملا، لكن أشكالهما الحقيقية تظهر للعلن حين يأتي مولودهما الأول، وهو يشبه الأصل لا الصورة المعدلة.

- كشف لي المعرض الأخير بأن غالب زوار المعرض لم يكونوا من عشاق القراءة ولا من الباحثين عن المنقذين أمثالي، كان الزوار في سوادهم الأعظم إما ممن ينظرون إلى المعرض على أنه فعالية ترفيهية لا تختلف عن المراجيح والحفلات الغنائية ومقاهي المعسل على أطرف المدينة، أو ممن يذهبون إلى المعرض لأنهم من تيار ويريدون مناكفة تيار آخر.

- حين توفرت أماكن اللهو وأصبح في الساحة تيار واحد فقط لا يحتاج لمعرض كتاب لمناكفة غيره لم يعد أحد يهتم بالمعرض كما كان في السابق، يوجد بعض المؤلفين وموظفي دور النشر وثلة قليلة ما زالت وفية للكتب، أما الجماهير التي كنت أنتظرها لأنشر دعوتي بينها فقد تفرقت بها الأسباب وتقطعت بها السبل.

- الغشاشون الذي أفسدوا طعامي وعبثوا بصحتي فعلوا فعلتهم التي فعلوا وهم من الآمنين، ولكني ما زلت أقاوم ـ وأتمنى أن تفعلوا أيضا ـ أولئك الغشاشين الذين يستهدفون عقلي، أريد حين أموت وأدخل قبري بعد أن يقضي الغشاشون في الطعام والدواء محتفظا وأنا بكامل قواي العقلية، قاوم من أجل أن تستخدم عقلك وحدك وتفكر وحدك، عقلك هبة الخالق للإنسان، وحين يتم العبث من قبل غير المختصين فإنه يصبح خارج الضمان، وتقل قيمته ويصبح ضرره أكثر من نفعه.

- يوجد مثقفون مغشوشون، وصحفيون مصنوعون بطريقة رديئة، وفنانون لا أحد يعلم أين تمت صناعتهم وإعلاميون دخلوا إلى الإعلام عن طريق التهريب. وفوق كل ذلك مسؤولون لا أحد يعلم إلا الله وحده كيف يفكرون وكيف يقررون. وأظن ظنا ليس آثما إن شاء الله أن الاهتمام بهذه المنتجات وجودتها أهم بكثير من التركيز على علبة سجائر مليئة بالأخشاب والمواد الغريبة، ليس لأن الأمر الثاني غير مهم، ولكن لأن جودة الأمر الأول كفيلة بالقضاء على سوء الثاني.

- المتحرش سافل بطبعه، لا تردعه الأخلاق ولا القيم، مبدؤه لا يتغير كثيرا، ولكنه يتوافق مع الظروف، فمثلا في السابق كان المتحرش يؤمن إيمانا قاطعا بأن لباس المرأة سبب كاف ومبرر ينفعه في الدنيا والآخرة لارتكابه أمرا محرما لا تنتفي حرمته حتى وإن كانت المرأة التي أمامه عارية.

- التشهير يؤذي الأسوياء حين يخطئون، أما المتحرش فإنه غير سوي، وينظر إلى التشهير إلى أنه أحد أبوب الشهرة، وبعض المشاهير الآن كانت بداية شهرتهم هي سفالة ارتكبوها في أول مشوارهم حتى عرفهم الناس.

agrni@