بيت العمر إما برشوة أو بشرهة

قدر الله عليّ قبل 20 عاما، بعد أن أكملت نصف ديني، أن قدمت لإمارة منطقة مكة المكرمة طلب الحصول على منحة أرض، أسوة بأي مواطن سعودي كامل الأهلية.

قدر الله عليّ قبل 20 عاما، بعد أن أكملت نصف ديني، أن قدمت لإمارة منطقة مكة المكرمة طلب الحصول على منحة أرض، أسوة بأي مواطن سعودي كامل الأهلية.

الاحد - 29 نوفمبر 2015

Sun - 29 Nov 2015



قدر الله عليّ قبل 20 عاما، بعد أن أكملت نصف ديني، أن قدمت لإمارة منطقة مكة المكرمة طلب الحصول على منحة أرض، أسوة بأي مواطن سعودي كامل الأهلية.

ولأن مساحة المملكة أكثر من تريليوني متر مربع (2 وأمامها 12 صفرا) وعدد سكانها في ذلك الوقت كان نحو 16 مليون نسمة، كان لا بد لي من الانتظار ـ بحسب المعايير السائدة في ذلك الوقت ـ مدة 17 عاما، حتى يتم ردم البحر أو استصلاح الصحراء، لتوفير قطعة أرض لي بمساحة 625 مترا مربعا (25×25).

الشاهد أنه بعد مرور الـ17 عاما المحددة، قررت مراجعة أمانة جدة لمعرفة مصير منحتي التي استودعتها الله لديهم، ولم يصلني منهم أي شيء بخصوصها، ففوجئت بثلاثة أمور.

الأولى، أُبلغت أن معاملتي ضلت طريقها في أحد الأعوام أثناء تنقلها بين المحكمة العامة وأرشيف الأمانة. وأنه يتوجب عليّ ملاحقتها من آخر محطة شوهدت فيها.

الثانية، أُخبرت أن معاملتي التي بحثت عنها طوال شهرين متواصلين، ستنتقل لوزارة الإسكان، التي أنشئت حديثا (2011)، وبالتالي هي صاحبة القرار الأخير.

الثالثة (القاضية) كانت عندما توجهت لإدارة المنح، لأستفسر عن مصير المتقدمين المخضرمين أمثالي، هل سيطبق عليهم ما سيقرر على المبتدئين أم سيكون لنا استثناء خاص، ففوجئت بمندوب أحد الشخصيات النافذة وهو يتفحص كروكي المحافظة بمعية مسؤول المنح، ويختار أراضي بيضاء للمنحة التي بيده.

اللافت هنا ليس في المنحة، فأنا كنت أبحث عن منحتي أيضا. ولكن في مساحة المنحة، وتمكين المندوب من اختيار المناطق المراد تطبيق المنحة عليها. فتخيلته لبرهة وكأنه يختار «شراريب» لأحذيته المختلفة.

عندها أيقنت أن من هم على شاكلتي لن يجدوا لهم مساحة أرض ليقيموا عليها بيت العمر، في ظل الارتفاع المجنون لأسعار العقارات، واستقرار معظم السعوديين في قوائم «سمة» المانعة للاقتراض، إلا أن تكون برشوة أو بشرهة.

ولأن أكثر الناس لا يملكون من المعارف أو الوسائل التي توصلهم للمشرهين، فإن الخيار الثاني هو الأقرب للتطبيق، إذا غاب الضمير وانعدمت الأمانة.. فهل تتغير هذه النظرة بعد تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، أم سيجد الفاسدون من الوسائل ما يجعل الحلم ببيت العمر معلقا بالرشوة أو الشرهة.