عبدالله المزهر

مختصر الأسبوع (19/12/19)

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 19 ديسمبر 2019

Thu - 19 Dec 2019

البرد كان عنوان هذا الأسبوع، تسلل إلى أطرافي لدرجة أني تعاطفت مع الأغراض التي تسكن ثلاجة المطبخ، وحاولت أن أتجاهل أنه يوجد بشر حقيقيون على هذا الكوكب يعيشون في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في أجواء أشد برودة من ثلاجة المطبخ، تجاهلت ذلك لأني أكره الشعور بالعجز، ثم إني إنسان، والإنسان بطبعه يفكر في نفسه أكثر من بني جنسه، على عكس بقية الكائنات الحية. ولذلك فسأترك الحديث عن البرد والضعفاء وأكتب مختصرا لما قلته في الأسبوع المنصرم، فإليكموه:

- لا أعلم من هي الجهة التي يلومها الوزير حين يتحدث عن كارثة الغش، هل يلومني مثلا، أم يلوم صاحب البقالة في حارتنا. أم إنه يلمح إلى جدتي رحمها الله.

- الكارثي في قضية البضائع المغشوشة أنها ليست مثل المخدرات والممنوعات، تدخل تهريبا وتباع في الظلام بعيدا عن أعين السلطات، ولكنها تدخل بطريقة نظامية وتباع في محلات مرخصة، ولذلك لا يمكن إلقاء اللوم على المستهلك، ومعاملته معاملة مدمن المخدرات، ويقال له بأن عليه تحمل نتائج اختياراته، فهو من اشترى بنفسه ولم يرغمه أحد على هذا الطريق. المستهلك الذي يشتري بضائع ومنتجات نظامية ومرخصة يتوقع الحد الأدنى من الحماية.

- العالم لم يتغير، كل ما في الأمر أني تجاهلت وجوده، فوجدت السعادة تحت المخدة التي كانت ترعبني، وهذا ينطبق على كثير من الأمور والأشخاص والأحداث، هي وهو وهم موجودون بك وبدونك، أنت تتطفل على الكوكب حين تشغل نفسك بقضايا ليست قضاياك، وتهتم بأحزان مستخدمة لا تخصك، صحيح أن هذه قد تبدو نظرة انهزامية، ولكن من قال لكم بأن الهزيمة ليست لذيذة هي الأخرى!

- حين تجد من يهاجمك بضراوة في تويتر، ويصنفك ويتهمك تهما تودي بك إلى التهلكة ويضعك في قوائم ملونة فإن من حقك أن تخاف، ولكن قد يخفف عنك الخوف والهلع أنه أحد زملاء ابني في المرحلة المتوسطة يعبر عن غضبه لأمور تتعلق بمصروفه اليومي ولم يجد أمامه إلا أنت ليصب عليك جام غضبه. وحين تعلم يقينا أن من يتهمك قد تجاوز المرحلة المتوسطة منذ عقود، فلا تبتئس أيضا، هو الآخر مجرد مراهق طاعن في السن. كبر ونسي عقله أن يكبر.

- بدا لي الأمر مرعبا حين عرفت مصادفة أن ابني في المرحلة المتوسطة لديه حسابات على مواقع التواصل. ثم إني تخيلت كم عدد الأطفال في سنه الذين يشاركون بفعالية ويناقشون ويجادلون في السياسة والاقتصاد وعلوم الاجتماع وخطط مدربي كرة القدم وأزمة الاحتباس الحراري والخطط الفعالة لرتق ثقب الأوزون. وكم عدد فلذات أكبادنا في المرحلة المتوسطة الذين يفتون ويحللون ويحرمون في وسائل التواصل.

- المستهلك لا يشتكي فقط من الغش المباشر الواضح الفاضح الذي تحاربه الوزارة مشكورة بكل ضراوة كما يتضح، المشكلة التي سلطت عليها الأضواء مؤخرا تكمن في «الغش النظامي»، وهي مشكلة أصبحت واضحة جلية لا تخفيها العبارات المكررة التي يسمعها الناس من بعض المسؤولين، وأعني بذلك المواد رديئة الصناعة والجودة التي تدخل إلى السواق نظاميا وعبر المنافذ الرسمية وتباع وتؤخذ عليها الضرائب والرسوم. هذه مشكلة أكثر تعقيدا من الغش المباشر الذي قد يتحمل المستهلك جزءا من المسؤولية في مكافحته، لكنه حين يتعلق الأمر بمنتجات يفترض أنها موثوقة فإنه يتعرض للغش المركب.

agrni@