عبدالله المزهر

لا تنتصر.. إنه فخ!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 09 ديسمبر 2019

Mon - 09 Dec 2019

ثم فازت البحرين أخيرا بكأس الخليج، وقد كادت أن تندثر هذه الدورة قبل أن يكون ضمن أبطالها أحد صناعها وأول من استضافها.

والحقيقة أني لم أحزن لخسارة المنتخب السعودي، ليس لأني أعاني من انخفاض منسوب الوطنية، وليس لأن الفوز غير مهم، وليس لأن البطولة قد فقدت بريقها الذي كانت عليه في ريعان شبابها، لم أحزن لأني قد تصالحت مع فكرة الخسارة عموما وفي مباريات كرة القدم على وجه الخصوص.

والتعايش مع الخسارة ممتع هو الآخر، لا يقل لذة عن سعادة المكسب. لكن الوصول إلى هذه المرحلة ليس سهلا وطريقه ليست مفروشة بأي شيء. احتجت كثيرا من الخسائر المؤلمة إلى أن أصبحت أبتسم عند الخسارة، ثم إني وجدت أني أصبحت مبتسما بشكل دائم لكثرة الخسائر.

وهل هناك أجمل وألطف وأمتع من أن تعيش حياتك مبتسما تسير بين الناس وكأنك تصور إعلانا لمعجون أسنان.

ولعل من ألطف ملذات الخسارة أن الخاسر يتجنب الخوف الذي يصاحب المكسب، والقلق من المستقبل الذي قد يعصف بمكاسبه وتصبح أثرا بعد عين. حين تخسر فإن احتمالات أن الغد سيكون جميلا تكون أكثر، وكلما كبرت الخسارة زادت نسبة إيجابية المستقبل، وتلاشى الخوف والقلق. وحين تصل إلى النقطة التي لم يعد لديك ما تخسره من الأساس تكون وصلت إلى درجة الكمال في السعادة اللذيذة التي يولدها التبلد وموت الإحساس.

الباحثون عن هذه النشوة اللذيذة يسلكون الطرق عددا، لكني سأنصح المبتدئين في هذا العالم نصائح من واقع تجربة وخبرة عريضة لا يستهان بها؛ لا تشجع فريقا يفوز باستمرار، لأنك ستكون معرضا للضغط النفسي والعصبي بشكل مستمر، وقد قرأت أن دراسة نفسية أجريت على المتنافسين في الألعاب الأولمبية أثبتت أن أشد الخاسرين ألما وحزنا وحسرة هو صاحب المركز الثاني، أما الثامن ـ على سبيل المثال ـ فإنه يتقبل الخسارة بصدر رحب وسعادة وحبور.

وكاقتراح مبدئي فإني أرشح للباحثين عن السعادة بالبدء في تشجيع نادي الاتفاق، هذه الخطوة ستنقلكم إلى عالم آخر من اللذة لا تدركون وجوده الآن. لن تصدمك النتائج ولن تحمل هم المباريات النهائية ولن تجد من يناكفك ويشتمك ويسخر منك لأنك تنافس فريقه، ولن يؤذيك حزن المركز الثاني.

وعلى أي حال..

أهنئ البحرين الجميلة وأهلها الطيبين على بطولتهم الأولى وفرحتهم المستحقة، وأعانهم الله على تبعات الفوز الصعبة، حين يخسرون في البطولة القادمة سيعرفون ألم الخسارة وحسرة فقدان المكاسب، سيرتفع الطموح وسيرافقه كثير من النكسات وسترتفع نسبة الأذى النفسي. الحاضر انتهى الآن وبدأ انتظار المستقبل الذي قلت فيه نسبة أنه سيكون أجمل وأفضل لأن الحاضر كان جميلا.

agrni@