عبدالله المزهر

مشكلات التعليب!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 08 ديسمبر 2019

Sun - 08 Dec 2019

كلكم أو أغلبكم أو ربما بعضكم سمع عن نتائج اختبارات البرنامج الدولي لتقويم الطلبة PISA 2018 التي أعلنت عنها هيئة تقويم التعليم والتدريب، وأظن أن بعضكم أو أغلبكم أو ربما كلكم لم تفاجئه تلك النتائج التي كانت متدنية إلى درجة قد تدفع البعض إلى التساؤل عن جدوى التعليم من الأساس، خاصة أولئك الذين لديهم أبناء في مدارس التعليم العام.

والحقيقة أني تكلمت عن هذا الأمر كثيرا إلى درجة أني ظننت أنني لم أتحدث عن غيره، وهذه ليست المشكلة فكلامي غالبا لا يسمعه أحد حتى في حدود منزلنا، لكن المشكلة أن الكثير ممن قد يسمع كلامهم قد قالوا الكثير عن مأساة التعليم في العقود الأخيرة. كل أركان التعليم تعاني من مشكلات، المعلم والطالب والمبنى والمنهج الدراسي. كل ركن من هذه الأركان لديه من المشكلات المؤجلة والطارئة والمزمنة ما يكفي لاعتباره غير موجود أصلا. بل إني أعتقد أحيانا أن عدم وجود هذا الركن أو ذاك سيكون مفيدا أكثر من وجوده بهذا الكم من المشكلات.

ومما قيل في هذا الباب ـ المغلق بالطبع ـ هو أن وزير التعليم أو المعارف أو أيا كان اسم الوزارة يحمل ما لا طاقة له به، لأنه مطلوب منه أن يعيد اختراع العجلة في كل مرة، ثم يترك المكان قبل أن تبدأ عجلته المخترعة في الدوران، ويأتي وزير آخر ويبدأ من حيث «بدأ» سابقه، وتستمر السلسلة إلى درجة أنه لم يعد أحد يجتهد في حفظ اسم الوزير للإيمان بأنه سيغادر قريبا. فكرسي هذه الوزارة لا يختلف عن كرسي مدرب المنتخب لكثرة المارين عليه ولكثرة ما يتم تحميل الجالس عليه نتائج لا يد له فيها.

وأظن ـ سامحني الله ـ أنه يفترض أن يكون الوزير منفذا لخطة واضحة طويلة الأمد ليس هو واضعها، ويحاسب بناء على ما أنجزه في هذه الخطة، وهذا لن يجعل تغيير الوزير أمرا مربكا، لأنه يفترض أنه قد علم أن في السوق من العجلات ما يكفي لإقناعه بأن اختراع العجلة قد تم وانتهى قبل تسلمه زمام السلطة في هذه الوزارة.

ثم إنني أتساءل ـ سامحني الله مجددا ـ كم عدد الدراسات والأبحاث التي تحدثت عن التعليم في السعودية وعن مشكلاته وحلولها، وحين أتحدث عن الدراسات والأبحاث فإنني أربأ بكم أن تعتقدوا أنني أتحدث عن «تقارير اللجان».

وقد تكون قلة الدراسات ومراكز الأبحاث هي أحد أسباب مشكلة التعليم ـ وغيرها من المشاكل ـ وليس من المنطق الحلم بتعليم حقيقي فعال ومنتج في ظل عدم وجود مراكز للأبحاث وصرف حقيقي وسخي على هذه المراكز.

إلقاء نظرة على بعض القوائم التي تبين الصرف على الأبحاث العلمية في دول العالم يبين لمن أراد الحقيقة أن العلاقة طردية بينه وبين جودة التعليم وجودة أي شيء آخر. وأن الدول الأكثر صرفا في هذا المجال هي الأنجح تعليما والأنجح في كل شيء تقريبا. وأن الدول الأقل صرفا هي الدول التي تتنافس على تذيل ترتيب كل القوائم في شتى المجالات.

وعلى أي حال..

بعيدا عن الدراسات والأبحاث وهذه الأمور الثانوية فإن النجاحات التي يسجلها التعليم لدينا تشبه أن يفوز فريق لكرة القدم بسبب مهارات بعض لاعبيه، أما خطة المدرب فلم يكن لها علاقة بالموضوع ولا بالنتيجة ولا ببعض الأهداف الجميلة التي تسجل بين الفينة والأخرى.

ولذلك فإن معيار نجاح التعليم بالنسبة لي هو حين أبذل ـ أعني حين تبذل زوجتي ـ جهدا أقل في تدريس أطفالي في المنزل، أدرس بعضهم في مدارس خاصة وتدرسهم أمهم في المنزل حصصا أكثر من حصص المدرسة. والبعض يلجأ للمدرسين الخاصين، وهذه الفئة حين تبدأ في الظهور في مجتمع ما فهي من علامات وفاة التعليم أو دخوله في غيبوبة.

agrni@