فهد عبدالله

رهان الإضافة النوعية

الأربعاء - 27 نوفمبر 2019

Wed - 27 Nov 2019

لا يليق بعالم الناجحين وأصحاب المنجزات والتأثير إلا أن يكونوا في مضمار دائم للمشي والركض خلف تلك المنجزات والإضافات النوعية لوطنهم ومجتمعهم، وقبل ذلك صعيدهم الفردي والإنساني، لذلك كانت عقلية الإنجاز ورهان الإضافات النوعية هي الأرضية التي تجعل من الإنسان في ديمومة من الفاعلية والتأثير الإيجابي، وتكاثر هذه العقلية واتساع مساحتها أيضا رهان الحضارات وتقدم الأوطان ورفعة شأنها في جميع المجالات.

صاحب التأثير والإنجاز تجده كل يوم مترقبا وتتسع حدقتا عينيه تجاه كيفية أن تكون الحياة في تصاعد من حيث التغيير للأفضل وتحتويه تلك النية الصادقة جدا للعمل على استدامة فتح بوابات التغيير الداخلية التي توصله للحياة الطيبة المتوازنة المليئة بالفاعلية.

صاحب الإضافة النوعية يعتقد جازما أن خيارات الحياة أيا كانت اتجاهاتها ومآلاتها تقع ضمن حدود مسؤوليته ومسؤوليته فقط، وأن جوهر التغيير للأفضل لا يمكن له أن يتمكن في النفس دون مخالجتها اعتقادا وسلوكا بهذه المسؤولية.

(Change or Die, Innovate or Evaporate) تغير أو مت، ابتكر أو تبخر هذا المثل شائع في أروقة رواد الأعمال والأنشطة الاقتصادية أصبح ليس مقصورا عليها، بل يعبر أيضا عن الحاجة الماسة للإضافة النوعية، سواء كان ذلك على الصعيد الفردي أو الجماعي.

انظر إلى الاتساع الهائل واللا متناهي لحجم التغيير في المعلومة والتطور المعرفي والتقني والعادات والثقافات، وكيف أصبح مفهوم التسارع في سرعة التغيير أكثر حظوة لدى المهتمين والمراقبين من مجرد فكرة التغيير أو سرعة التغير، ومصطلحات القوة والضخامة تتأرجح أمام مصطلحات السرعة والمرونة والقدرة على التحول.

الإضافة النوعية لن تكون ذات حضور تستحق فيه وصف النوعية وهي محاطة بالمخاوف التي لا تقتحم، فضلا عن ألفة الصداقة المذمومة مع مناطق الراحة، أو ربما امتلأت نفس صاحبها بقناعات قديمة لا يريد أن تتهافت عليها رياح المراجعة والتغيير، كما قال عنها برنارد شو (التقدم مستحيل بدون تغيير، أولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء).

ولا يمكن للإضافة النوعية أن يكتمل بناؤها وهي مشتغلة بتلك النتائج التي أحرقت فيها المراحل، كانت تقول العرب (تزبّب قبل أن يتحصرم) كناية عن ثمرة العنب التي تحولت إلى زبيب دون المرور بمرحلة الحصرم كمن يهتم بالبناء من الشكل الخارجي بينما الأساسات رخوة، ومصيره يوما ما التصدعات والتشققات الكبيرة إن لم يكن الانهيار، ولذا كان العكوف تعلما وتتبعا لدقائق المعرفة والانخراط في حيز الممارسة والتجريب هو السبيل لتلك الإضافات النوعية التي أصلها ثابت في الأرض وفرعها متألق في السماء.

من السهل جدا أن تتكرر النسخة البشرية التي تنشأ وتترعرع وتنمو ثم تنتهي وهي منشغلة بيومها الاستهلاكي ومزاولة تلك الأعمال الروتينية التي يشترك فيها معظم البشر، وليس في ذلك عيب، وإنما مناط الحديث هنا عن ذلك الإنسان الذي يريد أن يثب خارج الطوق، ويسلك مسلك الإضافات النوعية التي يتجاوز أثرها محيط المكان والزمان.

@fahdabdullahz