اغتيال معارضي إيران في العراق

الأموال والرشى والمتفجرات مهدت الطريق لنظام الملالي للتوغل في بلاد الرافدين
الأموال والرشى والمتفجرات مهدت الطريق لنظام الملالي للتوغل في بلاد الرافدين

الثلاثاء - 26 نوفمبر 2019

Tue - 26 Nov 2019

لم تعد هناك مساحة واسعة للعراقيين لمواجهة التدخل الإيراني السافر في بلادهم، بات الاغتيال والقمع ينتظران أبناء الرافدين الذين يفكرون في التصدي لوجود طهران المشبوه.

استخدم نظام الملالي الأموال والرشى والأسلحة والمتفجرات لتمهيد الطريق أمامه، ونجح في السيطرة على أغلب الميليشيات المسلحة التي تدين بالولاء لقائد قوة القدس قاسم سليماني، الذي ما زال يمسك بالريموت كونترول ويدير الأحداث في ظل الثورة العارمة التي اجتاحت الشارع في بغداد و9 محافظات، سخطا على وجود إيران.

وفيما كشفت التسريبات الإيرانية الأخيرة التي نشرها موقع «ذي انترسبت» تفاصيل كارثية عن التدخل الإيراني في العراق، قدمت الصحف العالمية ومراكز البحث حوادث جديدة تفضح ما يقوم به الإيرانيون من خلف الكواليس وبعيدا عن العيون.

تدخل إيران في العراق

أتاح غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لإيران أول فرصة حقيقية لممارسة الجوانب الهجومية في العقيدة العسكرية عام 1992، وعلى الرغم من أن الحرب بين إيران والعراق انتهت قبل 15 عاما، إلا أنها كانت تشعر دوما بأنها ستفعل الكثير من أجل تهدئة بغداد بشكل دائم، وإنشاء حكومة متوافقة نسبيا مع سياستها، وكان ينظر إلى شبح الوجود الأمريكي على المدى الطويل في العراق على أنه غير مقبول.

وبحسب مجلة التايمز، عرضت الأغلبية الشيعية في العراق على طهران إمكانية قيام دولة عربية كبيرة متعاطفة مع نظام الملالي، وكان من شأن التأثير على العراق أن يمنح طهران عمقا استراتيجيا، وبعض عمليات التقارب مع الأكراد، فضلا عن فرص جديدة للضغط على جيران العراق، مثل الأردن والكويت والسعودية.

وعلى الرغم من أن معظم الشيعة العراقيين لم يكونوا من أتباع الثورة الخمينية، إلا أن أعدادا منهم دربتهم إيران لمنح بعض الثقة لإيران، مستغلة الفوضى الاجتماعية والسياسية التي أعقبت الغزو عام 2003، ورأت إيران أنها قادرة على كسب شركاء إضافيين من خلال الحوافز المالية أو الضغوط السياسية وزرع الأتباع داخل الميليشيات.

وفي الفترة 2001-2003، راقبت طهران تدهور علاقة واشنطن ببغداد، وتزايد احتمال الحرب، وهنا قامت باستعدادات تعكس دوافعها الاستراتيجية والعديد من العناصر خارج الحدود الإقليمية لمذهبها العسكري.

إطلاق فيلق بدر

يقول تقرير صادر عن اتلانتك كونسول، إن طهران وضعت فيلق بدر على الحدود العراقية، في انتظار أوامر بالعودة إلى إيران في أقرب وقت وفقا للظروف، حيث تأسست هذه الفرقة عام 1982 كجناح عسكري للمجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق.

تم تشكيل الفيلق من أسرى الحرب الشيعة العراقيين، ومن الفارين إلى إيران هربا من الاضطهاد في العراق خلال فترة حكم صدام حسين، وبحلول عام 2003، كانت المجموعة التي تعتمد كليا على إيران يمكن اعتبارها وحدة مدربة تدريبا جيدا، سليما ومنضبطا أيديولوجيا، يمكن نشرها في أوساط السكان الشيعة في العراق، لإنشاء عقد للسلطة الشيعية المتعاطفة مع إيران، كما دعت الخطة الإيرانية فيلق بدر إلى تعطيل أي توغل أمريكي باستخدام الوسائل السياسية والعسكرية والاجتماعية لتحل محل النفوذ الأمريكي.

حرب المتفجرات

وبحسب مدونة الصحفي مايكل وور، بحلول عام 2005، بدأت قوة القدس حملة عسكرية غير تقليدية واسعة النطاق تهدف إلى السيطرة الإيرانية على الحكومة الناشئة في العراق، والتأثير على الجماعات الكردية في الشمال، وكجزء من هذه الحملة، قامت إيران في بعض الأحيان بتوجيه الهجمات على أفراد أمريكيين، باستخدام متفجرات مصنوعة في إيران، وذخائر بدائية الصنع بمساعدة الصواريخ.

أدى إدخال طهران لهذه الأسلحة شديدة الفعالية إلى زيادة كبيرة في عدد القتلى في التحالف والجرحى، وكان استخدامها حلقة من حلقات الشر والدمار التي استخدمتها قوة القدس، عبر تكنولوجيا أمصممة لساحة قتال محددة من أجل تحقيق أهداف إرهابية دقيقة، وجاء استخدامها أيضا دليلا على امتلاك إيران أسلحة فتاكة تستغلها للانتقام من خصومها في أي مكان بالعالم، وبحسب الجارديان عمل المسؤولون العراقيون كوسطاء بين القائد الأمريكي الجنرال ديفيد بترايوس وقاسم سليماني خلال عامي 2007 و 2008 .

القمع والاغتيال

ورغم عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية بمنع قادة فيلق القدس من السفر، إلا أن هذه العقوبات لم تفعل بشكل جيد، بسبب نفوذ طهران المتزايد داخل العراق.

بحلول عام 2011 كان تأثير إيران على الهندسة السياسية والأمنية والإعلامية في بغداد كبيرا، ورأت قوة القدس أن لديها ما يكفي من الأموال والأسلحة والتوجيهات السياسية لتكون ناجحة، وأولئك الذين يعارضون مصالح إيران إما كانوا جانبيين أو مهددين بالقمع والاغتيالي.

لعب سليماني دورا أكثر انفتاحا في العملية السياسية في العراق، وحل الخلافات بين الفصائل الشيعية الإيرانية ومقتدى الصدر، وكذلك السعي لانتخاب نوري المالكي كرئيس للوزراء، والذي كان يعتبر متوافقا بشكل كاف، حيث لم يتصد لنفوذ الميليشيات ولم يعارض أنشطة إيران في العراق، وذلك بحسب الجارديان.

تخطي الخطوط الحمراء

قدمت تجربة إيران في العراق دروسا مهمة، حيث نجت إيران من الانتقام الدولي لسنوات عبر دعمها للإرهاب، وأظهر تحديها العلني للقوى الغربية في العراق أنه كان هناك عدد قليل من الخطوط الحمراء الفعلية فيما يتعلق باستخدام طهران لقوات غير تقليدية وبدائل في الخارج القريب منها.

ولم تدفع إيران أي ثمن للهجمات المميتة المتكررة على قوات التحالف أو تدخلها في الشؤون العراقية.

نتائج التدخل الإيراني في العراق وفق مركز ويلسون:

1 تحقيق أهداف

بحلول عام 2011، حققت طهران هدفها الاستراتيجي المتمثل في عراق مستقر نسبيا لم يعد يشكل تهديدا عسكريا لإيران.

ومن خلال الاعتماد على مساحة صغيرة من القوات واستخدام ميليشيات الطرف الثالث لمواجهة القوات البريطانية والأمريكية، قللت إيران من خسائرها، بينما انخفض الدعم المحلي الأمريكي لتورطها في العراق، ولم تكن هناك معارضة واضحة من الإيرانيين لدور حكومتهم، حتى أثناء الاضطرابات الانتخابية في عام 2009.

2 تغير دور قوة القدس

ساعد الصراع العراقي على تغيير دور ومكانة قوة القدس، حيث تعمقت علاقة قائد فيلق القدس قاسم سليماني بالمرشد الأعلى علي خامنئي خلال هذه الفترة، ونتيجة لذلك، فإن سيطرة قوة القدس على السياسة الإيرانية في العراق كانت متناقضة بشكل صارخ مع الدور المحدود الذي تلعبه وزارة الخارجية الإيرانية، وخاصة أن قوة القدس عينت كبار ضباطها كسفراء لإيران في بغداد.

3 جيل من الحلفاء

أنشأت إيران جيلا جديدا من حلفاء الميليشيات الذين قدموا الدعم السياسي والعسكري لمصالحها، واكتسبت طهران شركاء مخلصين في شخصيات شيعية عراقية مثل هادي العامري رئيس منظمة بدر، وقيس الخزعلي رئيس عصائب أهل الحق؛ وجمال جعفر محمد الإبراهيمي المعروف باسم أبو مهدي المهندس، نائب رئيس وحدة التعبئة الشعبية.

الأكثر قراءة