عبدالله المزهر

مستشفى لتلقي المرض!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 24 نوفمبر 2019

Sun - 24 Nov 2019

منذ أن وجد الإنسان أنه بحاجة إلى وجود مكان يجمع فيه المرضى، ومنذ أول مبنى للتطبيب، سواء حين كان يسمى المورستان أو البيمارستان أو بعد أن أصبح يسمى المستشفى، وخلال كل العصور والأزمنة التي مرت على مهنة الطب وداخل كل المباني التي جمعت الأطباء والممرضين والمرضى تحت سقف واحد، وعبر كل تلك العصور والأزمنة والمراحل، فقد آمن الإنسان أن المستشفى مكان يذهب إليه عندما يكون مريضا أملا في الشفاء، لكن هذه القاعدة مثل أي قاعدة أخرى لا بد أن يكون لها شواذ واستثناءات، فمستشفى سبت العلايا ـ على سبيل المثال ـ هو أحد الأماكن التي يذهب إليها الأصحاء كي يمرضوا.

وقد لا يعرف البعض أين تقع هذه المنطقة ولا هذا المستشفى، لكن أهل المنطقة يعرفونها ويعرفون مشفاها. ومنذ أن بدأت أعي ما أسمع وأفهم العبارات وأجيد نطق جملة كاملة، ولم يخل مجلس أو اجتماع أو حتى لقاء عابر بين أصدقاء في تلك المنطقة من الشكوى من هذا المستشفى الغريب، ويندر أن تجد إنسانا يجيد الكتابة في تلك المنطقة لم يكتب "معروضا" يشتكي فيه من سوء الوضع في ذلك المشفى، وحين تسمع أن قريبا لك قد دخل ذلك المستشفى فإنك يجب أن تقلق جديا حتى لو كان دخوله لمجرد توديع مريض آخر في المستشفى.

قبل يومين تم إخلاء المستشفى من المرضى لأن المطر اقتحم عليهم غرفهم، وأنا واثق أن هذا ليس أسوأ ما واجهه أولئك المرضى داخل جنبات ذلك المكان.

وقد يكون السؤال المنطقي في حال وجود مبنى متهالك أو غير كاف لاستيعاب المرضى أو تنقصه وسائل السلامة هو: لماذا لا يتم بناء مكان آخر؟

والحقيقة أنه سؤال وجيه، لكن المشكلة أنه تم بالفعل بناء مكان آخر، وانتهى العمل منه قبل سنوات، ولكن لم يتم الانتقال إليه لأسباب لا يعلمها إلا الله وبعض المسؤولين في وزارة الصحة. ويبدو ـ والله أعلم ـ أن مشاكل المبنى الجديد أكثر من مشاكل المبنى القديم، وأن تأخير الانتقال إليه محاولة لتأجيل "انكشاف" أمر ما أكثر وقت ممكن.

ومشكلة هذا المكان المخيف لا تتعلق بالمبنى فقط، ولكنها أيضا تتعلق بنقص الكادر الطبي والتمريضي والفني، وقد علمت أن بعض الأجهزة في المستشفى قد أصبحت في حكم "الخردة" لأنه تم توفيرها ولم يتم توفير من يشغلها حتى أصبحت آثارا يمكن عرضها في متاحف المنطقة بدلا من مشافيها.

وعلى أي حال..

الإنسان هو الإنسان، وحاجاته الأساسية لا تختلف سواء كان يعيش في مدينة كبيرة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، أو كان يعيش في منطقة بعيدة عن العين، ولا أظن أن أحدا يريد مستشفى تخصصيا كبيرا في سبت العلايا أو المناطق التي تشبهها، هم يريدون فقط مكانا حقيقيا للعلاج، وأسرة كافية تناسب عدد سكان وزوار المنطقة. وليس من ضمن أحلامهم رؤية أفضل الاستشاريين في العالم يعملون في مشفاهم، يريدون فقط عددا كافيا من الأطباء ومساعديهم. هم ببساطة يريدون فقط أن يجربوا الإحساس بأن المستشفى مكان للعلاج، وهو الإحساس الذي لم يعرفوه قط.. والسلام.

agrni@