عبدالله المزهر

فضائل التنمر في مواجهة الاستكلاب!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 20 نوفمبر 2019

Wed - 20 Nov 2019

قرأت فيما يقرأ المتصفح أن هيئة حقوق الإنسان أبدت قلقا بالغا حول ظاهرة التنمر التي تتزايد بشكل مطرد في الآونة الأخيرة، والحقيقة أن هذا حق مبين، فالتنمر أمر سيئ لا شك في ذلك. لا أعرف أصل الكلمة وهل لها علاقة بالنمر ـ الحيوان المعروف ـ أم إنها تعني شيئا آخر في اللغة العربية، لأن المرادف لهذه الكلمة في اللغات الأخرى يعني الاستبداد والتسلط والبلطجة التي تمارس ضد الأطفال أو الضعفاء عموما، سواء كان ضعفهم جسديا أو نفسيا.

وكلمة الأطفال هنا مهمة وضرورية لفهم التنمر المذموم، لأن بعض الناس الذين بلغوا أشدهم أو أكثر من ذلك بكثير وأصبحوا يعون ما يقولون ويفقهون ويعلمون القويم يريدون الترويج للغباء المحض أو استفزاز الناس بأقوال أو أفعال لا تخلو من الدناءة والسفالة، ثم حين يجلدهم الناس جلد غرائب الإبل يبدؤون في التشكي من «التنمر»، وهذه شكوى في غير محلها ولا زمانها، فالتنمر على بعض الناس فضيلة عظيمة ومقاومة طبيعية يمارسها الكائن البشري الحي ضد من يحاول الاعتداء على «عقله»، ويمكن القول هنا إن التنمر يصبح واجبا على الفرد في مواجهته للاستكلاب ومقاومته للاستحمار.

التنمر المذموم هو العنف اللفظي أو الجسدي الذي يمارس ضد الأطفال أو الضعفاء، التنمر الذي تكون له دوافع طبقية وعنصرية، التنمر الذي تكون أدواته هي الاستهزاء والاحتقار للصفات الشخصية أو العرقية للإنسان التي لا يختارها بنفسه.

أما حين تكون شحطا ـ أو شحطة ـ عريض المنكبين ثم تتعرض لنقد قاس ومؤلم نتيجة رأي أو موقف اتخذته بنفسك وأنت في كامل قواك الجسدية والعقلية فإنك يجب أن تتحمل رأي الناس فيك وفيما قلته.

صحيح أن مواقع التواصل في أحيان كثيرة تكون مهمتها صنع القبب من الحبات الصغيرة، وتجد أناسا يشتمون شخصا لمجرد أن الآخرين يشتمونه دون أن يعرفوا لماذا يفعلون ذلك، لكن هذا مما عم به البلاء، ويجب القبول به في مقابل وجود أناس آخرين يعجبون بأشخاص دون أن يعلموا لماذا، ويمتدحون شخصا لمجرد أنهم رأوا آخرين يفعلون ذلك. فإن كنت تقبل الثانية فاقبل الأولى في عرف القطيع الذي يحكم مواقع التواصل التي تفتقر للمنطق أحيانا.

وعلى أي حال..

كل الناس يكرهون أن يساء لهم، وكلهم يحبون كلمات المديح والثناء، صادقها وكاذبها، لكن الحياة ليست الجنة التي لا غل فيها، ولعلي أعترف بهذه المناسبة «التنمرية» أني لن أكف عن التنمر على فئات من الخلق حتى أغادر هذا الكوكب، وأعتقد أنه من الواضح أني أقصد النسويات ومن والاهن، وأصحاب الوجوه المرنة الذين يبدلون «مبادئهم» أكثر مما يبدلون ملابسهم، وكل الذين ينظرون للكيان الصهيوني على أنه كيان طبيعي. أما ما عدا ذلك من خلق فالتنمر عليهم خاضع للظروف، ولتقدير المصالح والمفاسد.

agrni@