حذامي محجوب

"هواوي" عملاق تكنولوجيا وتنين ساحر بعطر الثقافة الصينية

الأربعاء - 20 نوفمبر 2019

Wed - 20 Nov 2019

إن شركة هواوي، هذا التنين الصيني لتصنيع معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية والالكترونيات الاستهلاكية، والتي مقرها في شنجن، غوانغدونغ، الصين، والتي تأسست في عام 1987 من قبل رن تشنغ ليست عملاقا عالميا في التكنولوجيا فحسب باعتباره أرعب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى درجة أنه فرض عليها عقوبات بحجة سرقة الملكية الفكرية واستخدام معداتها للتجسس، وذلك بمنع تعامل كل الشركات الأمريكية مع "هواوي"، وكانت غاية ترمب هي القضاء على الشركة اقتصاديا. إلا أن هذه العقوبة جعلت هذه الشركة تنمو أكثر لأنها ردت على هذا القرار بإطلاق نظام تشغيل خاص بها باسم "هارموني أو.إس" واستطاعت به منافسة نظامي التشغيل "أندرويد" و"آي أو إس". فباءت بالفشل خطة الرئيس الأمريكي.

كما تمكن التنين الصيني من زيادة أرباحه، حيث نقل موقع صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية المتخصصة بشؤون الاقتصاد والتجارة أن أرباح هواوي في النصف الثاني من العام الحالي 2019 قد بلغت أكثر من 50 مليار يورو أي بزيادة قدرها 24% عن مبيعات العام السابق.

وكانت كلمة "رين تشينغ" مؤسس هواوي بعد العقوبات أن الشركة قد مرت بحالة حرجة كان فيها على الموظفين إيجاد البدائل، بعيدا عن تكنولوجيا الشركات الأمريكية، الأمر الذي فتح لهواوي أبوابا أخرى للنفع اقتصاديا وتقنيا قد تجعلها بذلك قادرة على كسر سيطرة شركات أبل وميكروسوفت وقوقل على قطاع أنظمة التشغيل خاصة في العالم العربي.

وكانت "رويترز" قد أعلنت أن شركة الاتصالات الصينية "هواوي" أجرت مع موسكو مفاوضات لاعتماد نظام التشغيل الروسي "أورورا" على 360 ألفا من أجهزتها الذكية.

إن كل هذه التحديات والنجاحات التي حققتها هواي تعطي انطباعا عن كونها شركة روبوتية رياضية تطور كل يوم الذكاء الاصطناعي، وتخلو من البعد الفني والقيمي والإنساني إلا أن شركة هواوي تتقن فن التواصل من خلال الرمز والصورة، ذلك ما يشعر به كل زائر لقصور هواوي الضخمة في Shenzhen، إلى حد أنه يمكن أن يذهب بنا الاعتقاد إلى أن المهمة الحقيقية لشركة هواوي هي الاستقبال والتفنن في الحفاوة والترحيب. فشركة هواوي تعمل في أكثر من 170 دولة ومنطقة من العالم، وتستقبل وفودا من مختلف المستويات من جميع أنحاء العالم لزيارة مقرها ومراكزها، للتعرف على التطورات التكنولوجية، والتوقيع على عقود كبيرة، والاحتفال بالشراكات الناجحة. لذلك تجد لوجستية كاملة، مدروسة، لخدمة كل ذلك.

ورغم أن الضيافة في الثقافة الصينية هي أسطورية وتزخر الصين بتقاليد عريقة لاستقبال الأجنبي، مترجمة ومتجسدة في الفنون الجميلة، فإن شركة هواوي تضيف لها لمسة من الروعة الفخمة.

ففي كل مكان، سواء كان ذلك في المقر الرئيسي للشركة أو في المراكز المختلفة المنتشرة في شنزهن، فإن كل هذه الأماكن تعكس الصورة المتميزة التي تبحث هواوي أن تبثها في العالم عن نفسها. فكل شيء فيها خاضع لتصميم دقيق، وصقل محكم، مع وفرة الزهور والابتسامات على شفاه كل من يعمل فيها. إن القاعات شاسعة في كل المراكز على اختلافها، كما ترتدي المضيفات عند الاستقبال فساتين زرقاء بلون السماء صممت بعناية فائقة لتبعث في القلب السكينة والاستحسان .أما غرف الاجتماعات فهي مجهزة تجهيزا عصريا بأحدث الأجهزة السمعية والبصرية.

إنها أجواء مريحة تخيم على المكان لإجراء مقابلات متعمقة يمكن تمديدها لساعات إذا اقتضى الأمر. وتقدم المضيفات خدمة الشاي والقهوة والمياه والحلويات طوال الاجتماعات، كذلك توجد غرف طعام مرتبة منفصلة عن القاعات بمساحات مختلفة في تناسق مع عدد الوفود وأهميتهم، مع توفير منطقة جلوس للاستقبال وطاولة مستديرة كبيرة الحجم، مجهزة بدائرة متحركة لتناول الطعام في موعده، طعام يتولى إعداده أباطرة الطهي الصيني.

أما اللحظة المتميزة والمفارقة، في نهاية المطاف في قصور هواوي هي زيارة قاعة معرض غاليليو أو قاعة معارض التحول الرقمي. إنها فعلا رحلة إلى بلاد العجائب في جو الطبيعة الساحر، حيث توجد المساحات الخضراء اللطيفة، ونجد هندسة معمارية حديثة، لكنها مستوحاة من أكبر وأعرق القصور في العالم. الفضاءات ممتدة، والمباني شاهقة، أما الجدران فهي مكسوة برخام فاخر ساطع ولامع والأعمدة على غرار أعمدة العمارة اليونانية - الرومانية وهي تعطي روعة ديكور استثنائية.

في هذه الفضاءات الكبيرة، يتم تجريد كل شيء، ليزين ويؤثث بذوق رفيع للغاية. يتم ترتيب وانتقاء صالونات في أماكن مدروسة بعناية، ولوحات لكبار الرسامين ومنحوتات رخامية ومواد أخرى متنوعة مع بعض اللمسات الخاصة التي تتسلل إلى البصر مثل المقهى الياباني أو الصالونات الفرنسية والصالات الإنجليزية. ويتم دفع الفخامة الراقية بكل دقة إلى كل زاوية وركن. كما توجد مزهريات ضخمة مملوءة بالزهور تسدل جوا من البهجة والطمأنينة على المكان كما أن هذا الاهتمام بالأناقة يمتد حتى إلى مساحات الحمامات التي يتناسق تصميمها مع روعة المكان.

وعندما يكون الطقس جميلا وهو كذلك خلال ثلثي السنة تقريبا، يكون الجلوس على الأسطح الخارجية ممتعا للغاية، حيث تم ترتيب المقاعد والطاولات بكل عناية لتطل على المناظر الطبيعية الخلابة والمساحات الخضراء

أما المطاعم فهي بدورها أماكن فنية، فن الطهو العالي وفن التصميم والديكور وعرض الأطباق وجدولة الخدمة، فن تسر به العين والبطن. إنها متعة، وتنتهي الوجبات، إذا كان للزائر الوقت - وغالبا ما يوفره لجمال المزار، بحفل الشاي التقليدي الذي تجعلك فيه المضيفة تكتشف فن إعداد الشاي، إنه معرض فني بأتم معنى الكلمة.