عبدالله المزهر

سأغتال الفقر!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 19 نوفمبر 2019

Tue - 19 Nov 2019

أتلقى الكثير من الرسائل والاتصالات التي تحثني على استثمار أموالي الطائلة، ونشطت هذه الاتصالات في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ بسبب اكتتاب أرامكو، يتصل عليّ بعض الإخوة العرب والعجم ويقولون إنهم يريدون بعض بياناتي لكي يسهلوا لي أمر الاكتتاب.

وقد شعرت بشيء من الغضب على البنوك التي أودع فيها أموالي لأني اعتقدت أنهم يسربون معلومات عن ثروتي للآخرين، وإلا كيف توصل هؤلاء إلى حقيقة أني أملك أموالا كافية لكل الاستثمارات التي تعرض عليّ من الإخوة المتطوعين للأخذ بيدي من مرحلة الثراء إلى مرحلة الثراء الفاحش؟

امتعضت قليلا وطلبت من بعض المتصلين أن يخبروني كيف استطاعوا معرفة حقيقتي التي لا تعلمها حتى زوجتي ـ وزيرة ماليتي، لم يجبني أحد عن تساؤلاتي، ولا أخفيكم أنني بعد تفكير بدأت أشعر بشيء من الرضا، فالسمعة الجيدة والملاءة المالية المحترمة ليستا أمرا سيئا أخشى أن يعرفه الناس، وفكرت فعلا في استثمار ثروتي، وبدأت أتخيل الأموال الطائلة التي سأجنيها من تلك الاستمارات. وفتحت دورا ومدارس ومشافي، وزوجت الكثير من الناس وطلقت البقية، ثم إني بعد أن انتهيت من أحلامي الداخلية، ووصلت يدي المحسنة إلى كل الفقراء والمحتاجين في الداخل، وأصبح ميسي ورونالدو لاعبين في الاتفاق ـ بالمناسبة حتى بعد أن تخيلتهما في الاتفاق كان يخسر أيضا، بدأت أحلامي تسافر خارج الحدود، ولا أخفيكم أني فكرت في شراء بعض الأندية الأوروبية، بعضها كنت سأشتريها لأساهم في تقدمها وأخرى كنت سأشتريها كي أغلقها. سأشتري القصائد والألحان وربما سأبحث عن حنجرة جيدة لأصبح مغنيا أيضا. فالأثرياء كما تعلمون يجب أن يكونوا مبدعين في كل شيء.

وحين وصلت أحلامي إلى أعلى ذروتها عرفت أن المتصلين مجرد نصابين ومحتالين يمارسون عملية النصب عن طريق الاتصالات والرسائل النصية، ثم أخبرني أحد الضحايا بوجود رقم مخصص للإبلاغ عن هؤلاء، وهذا الرقم فيما يبدو مجرد حيلة نفسية تقدمها شركات الاتصالات من باب الدعم النفسي للضحايا، فأنت ترتاح وتشعر بالطمأنينة حين تبلغ عن جريمة، لكن بلاغك ليس شرطا أن يتسبب في القبض على المجرم، والدليل أن الرسائل لم تتوقف رغم كثرة البلاغات.

المهم أن أحلامي تهاوت وأصبحت هشيما تذروه رياح النصابين، لكن الإحباط الحقيقي لم يكن في موت أحلامي باستثمار ثروتي، الإحباط الحقيقي حين تذكرت أنه لا يوجد ثروة من الأساس، وأن النصاب لو وصل إلى حسابي لأشفق عليّ وتبرع لي بشيء مما سرقه من الآخرين.

وعلى أي حال..

وبما أن الحديث عن الاستثمار والادخار، لعله من المناسب أن أزف إلى الأسواق العالمية خبرا طال انتظارها له، وهو أنني سأكتتب بحول الله في شركة أرامكو العملاقة، ولكني أنتظر الفرصة السانحة التي أعتقد أنها ستكون في السابع والعشرين من هذا الشهر الميلادي. وحينها فقط سأصفع الفقر والحاجة وأركلهما خارج أحلامي إلى الأبد. وربما سأستثمر العوائد في تأسيس شركة تجمع النصابين الذين كانوا يتصلون بي ونسيطر على العالم.

agrni@