شاكر أبوطالب

أخبار مدفوعة الثمن!

الاحد - 17 نوفمبر 2019

Sun - 17 Nov 2019

في الأسبوع الماضي، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي باقات الرعاية للفعاليات المحلية التي تقدمها وكالة الأنباء السعودية (واس)، وأسعار الإعلان الخبري عبر حسابات (واس) في تويتر. هذه الخدمات تضاف إلى ما سبق من الخدمات الإخبارية والمصورة التي تقدمها (واس) للمشتركين داخل المملكة وخارجها، إلى جانب الخدمات الإعلانية في الموقع الالكتروني للوكالة.

دارت معظم النقاشات في وسائل التواصل الاجتماعي حول سؤالين أساسيين، الأول مدى تأثير باقات الرعاية للفعاليات المحلية على مصداقية (واس) وموثوقيتها لدى الجمهور العام، والآخر يتعلق بمستوى وحجم القدرات البشرية والإمكانات التقنية التي تملكها (واس) لتقديم خدمات رعاية الفعاليات المحلية، والمستقبل كفيل بالإجابة عن هذين السؤالين. ويعد التحدي الأبرز الذي ستواجهه (واس) مستقبلا يكمن في اختيار الفعاليات المحلية ذات المحتوى الجيد، ورعايتها بالمستوى الذي يوازي قيمة الفعالية ودون مبالغة، وعدم ترك الأمر لكل مؤسسة قادرة على دفع المقابل المالي الذي حددته الوكالة.

على أرض الواقع؛ انتهى عصر السرعة والاحتكار للأخبار والمعلومات، نتيجة التحولات التي حدثت في صناعة الاتصال والإعلام، وتحديدا مجال صناعة الأخبار وإنتاجها وتوزيعها، وبالتالي تغير الأدوار التي كانت تلعبها وكالات الأنباء، بسبب انتشار استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. هذه البيئة الاتصالية الجديدة فرضت شروطا جديدة للتنافسية في تقديم خدمات الأخبار، وأنتجت خدمات إعلامية جديدة أو مطورة، مما ساهم في انخفاض قيمة تبادل المعلومات والخدمات التي تقدمها وكالات الأنباء في سوق الأخبار.

وسط هذه المتغيرات

يتطلب من وكالات الأنباء توفير خدمات إخبارية نوعية ذات قيمة لزبائنها، خاصة الصحف والمجلات والمؤسسات الإعلامية الأخرى، تمكنهم من صناعة خدمات إعلامية تنافسية وجاذبة، تحقق عوائد اقتصادية وربحية، تساعد على الأقل في تغطية التكاليف التشغيلية لزبائن وكالات الأنباء، في ظل تراجع الموارد الإعلانية لوسائل الإعلام لصالح وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، التي نجحت في الاستحواذ على حصة أكبر من السوق الإعلانية والتسويقية.

ورغم تراجع العوائد المالية للزبائن الرئيسيين لوكالات الأنباء، إلا أن السوق الإعلامية لا زالت توفر الكثير من الفرص التي يمكن استثمارها متى تمكنت وكالات الأنباء من فهم التغيير الطارئ على البيئة الإعلامية واستيعابه والاستجابة له، ومن ذلك الاستثمار في مساعدة الزبائن الرئيسيين لوكالات الأنباء على خفض تكاليفهم التشغيلية، والمشاركة في تطوير البيئة الإعلامية من خلال الاستثمار في البحث والابتكار في التقنيات الاتصالية والإعلامية الجديدة.

في هذا المسار، طورت بعض وكالات الأنباء الحكومية والوطنية نماذج أعمال اقتصادية ذات ربحية، من خلال استحداث مؤسسات تابعة توفر باقة متنوعة من الخدمات الإعلامية، وتقدم خدمات صناعة المحتوى، وتطوير منصات رقمية أكثر تفاعلية، إضافة إلى خدمات إدارة وتشغيل المواقع الالكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية للمؤسسات والشركات والمنظمات الحكومية والمجتمعية.

وتكمن ضرورة هذا الفصل المهني بين العلامة والهوية لوكالات الأنباء، والمؤسسات التابعة لها التي تقدم خدمات اتصالية وإعلامية وإخبارية وإعلانية وتسويقية، في تعزيز مصداقية واستقلالية وكالات الأنباء، ويحافظ على قيمتها الإخبارية باعتبارها مزودا موثوقا للأخبار، بعيدا عن التأثر بسلطة السياسي وسطوة التاجر وضغط وكالات الإعلان.

shakerabutaleb@