محمد أحمد بابا

حبيسة أطفال

السبت - 16 نوفمبر 2019

Sat - 16 Nov 2019

عندما تكون الأم هي من ترعى أطفالها فلا شأن لنا بما تفعله إلا (لقافة) قوم يحبون التدخل في كيفية التربية وتقديم الحنان على طبق من (فراولة) أو على مائدة تعلمي كيف تربين أولادك.

لكن حين يكون الأطفال في يد القدر وترعاهم من أتت لهذه المهمة، سواء كانت ذات قربي أو متطوعة عمل أو مربية بفيزا (عاملة منزلية) فالأمر يشبه الحبس.

في الصباح بالذات يبدو الأطفال في سن السنة إلى الثلاث سنوات قادرين على ترويض (أعتلها شنب) و(أجدعها أنثى) بل باستطاعتهم تأديب كل (ذي دلع) وكل (ذات دلال) بأبسط تصرفات.

حبيسة الأطفال تلك التي لم تلد بعد ولم تتزوج ربما لكن قدرها جعلها تجالس طفلا أو طفلة حتى تفرغ الأم من عمل أو نزهة شتاء مع زوج اشتاق لها وحدها دون أطفاله.

في دول ما يسمونها (جليسة أطفال)، ولربما هم رأوا في ذلك الجلوس هندسة تقديم لخدمة عالية القدر حتى حسبوها بالساعة لتبلغ في (بريطانيا) أكثر من 350 ريالا وفي الهند ما يقارب 180 ريالا.

أعذر أولئك، إذ ربما درست جليسة الأطفال أكاديميا وتدربت مهنيا كيف تتصرف مع طفل لا يعرف أنها منه منزعجة، لكن حبيسة الأطفال في وطننا إنما هي صاحبة وقت تشد شعرها تارة وربما ترتكب حماقة تارة أخرى إن غابت عنها رحمة قلب.

لكنني أزعم أن الحبس مع الأطفال من أجدر الأمور تجربة في هذه الحياة لغير أمهاتهم أن يستخدمه الناس في (التنصل من نعيم نوم الضحى) ليتدربوا على جنون عالم بريء يضحك وأنت (واصل حدّكْ).

وحين نسبر غور مسمى (الجليسة) نفهم بأن الطفل هنا يحتاج لمن يجالسه لا من يغصبه على النوم رغبة في الراحة ولو ملأ بطنه من حليب صناعي مل منه، فقط ليتفرغ (المحبوس) معه لجواله أو جهازه.

أما الأم: فالله يخلي (ماما) كم أنا لها مدين.

صحيح تحتاج الأم للمساعدة في طفلها، خاصة في هذا الزمن العملي لكن أقترح أن يكون هناك تخصص أكاديمي في أقسام التربية يخرج لنا: جليسة أطفال، حبيس أطفال حتى يعرف الرجال قيمة التعب.

وإذا تزوجوا استطاعوا المكوث مع الطفل دون تذمر أو إثارة شغب زوجي رحمة بهذا الكائن الصغير الذي لا يملك أن يقول: أعطني حريتي أطلق يديا.

التعلم من المواقف المنزلية يجعل الإجبار على تحمل المسؤولية فسحة تدريب على تقمص الشخصيات، رغم أن شخصية الأم عزيزة جدا على الحبك والإتقان لغيرها، إنما التجربة تعين على الإحساس بالغير ومهمته.

عالم الطفل في البيت مليء بالمفاجآت والحماقات والعفويات والمتناقضات، لكن حبيسة الأطفال أو جليسة الأولاد - تعتبر تلك مهنة - تلجم غضبها بالمردود المادي، وتطفئ غيظها برحمة الإنسانية، وتسقي تجربتها بالضحك أحيانا والعجب حينا.

من استشعر موقف حراس المدارس الابتدائية عندما يبقى طفل تأخر عنه سائقه، أو موقف جندي أو حارس أمن وجد طفلة تائهة وتلك (البلشة) الكبرى، سيقف على سيناريو استثنائي يعلمه الصبر ويهديه إلى ذكائيات التصرفات.

albabamohamad@