أحمد الهلالي

أيام في قلب مدينة مثقفة!

الثلاثاء - 12 نوفمبر 2019

Tue - 12 Nov 2019

استحقت الشارقة بجدارة اختيار منظمة اليونيسكو لها (عاصمة عالمية للكتاب)، وهي ثالث مدينة عربية تحظى بهذا اللقب بعد بيروت والإسكندرية، فالشارقة هي المكان الذي اختصر مسافات العالم على مدى عشرة أيام متتالية، جمعت خلالها آلاف المؤلفين والمفكرين والمبدعين وناشري الكتاب من شتى أنحاء العالم تحت سقف معرضها الدولي للكتاب.

اختيار الشارقة للقب لم يأت من فراغ، بل استحقته نتيجة لرؤية حكيمة وموفقة من سمو الشيخ المثقف الدكتور سلطان القاسمي، فقد رسم الطريق وسخّر المال والجهود لخدمة الثقافة العربية والعالمية من خلال برامج وفعاليات شتى تعنى عناية فائقة بالفعل الثقافي بجميع أنواعه، على امتداد خارطة الوطن العربي، والعالم أيضا، ولعل بيت الشعر الذي اتخذ مكانه في بلدان عربية شتى، وجائزة الشارقة للإبداع التي تنطلق في كل دورة من عاصمة عربية تدلل على ذلك، وغيرها الكثير.

تنقلت في معرض الشارقة للكتاب بين أروقة الفعل الثقافي، أجنحة الكتب باختلاف أنواعها وناشريها، وفعاليات الطفل، والمسرح، ومنصات لقاءات المبدعين في أجنحة متفرقة، ومنصات التوقيع، ومنتدى الشعر، ناهيك عن الملتقيات الثقافية في قاعات مخصصة، مجهزة بخدمات الترجمة الفورية، فلن تحمل همّ حاجز اللغة، وقد حطمه المترجمون، وكل ما تحتاجه أن تضع سماعة خاصة تنضح بما يفهمه المتلقي، فإن كان عربيا فهمه الآخر، وإن تحدث الآخر فهمه العربي.

جاءت أيضا الفكرة المميزة، حين شهدت الشارقة أكبر تجمع للمؤلفين في حفل توقيع هو الأضخم على مستوى العالم، واستحق التسجيل في موسوعة جينيس، إذ وقع 1502 مؤلف من شتى أنحاء العالم إصداراتهم في تلك الليلة المميزة، فاكتظت أرجاء المعرض بالموقعين والزوار إلى درجة أنك لا تستطيع السير في ردهاته الواسعة، وكان من حسن حظي أنني هناك.

أجنحة الشكر تعجز عن الرفرفة، فقد أثقلتها صنائع أولئك القوم الكرماء في أخلاقهم، وفي حفاوتهم بضيوفهم، واهتمامهم بأدق التفاصيل التي قد يحتاجون إليها، يشع ذلك من نصاعة ابتسامة جميع العاملين، وبشاشتهم وهم يقدمون لك خدماتهم، بل ويستقصون عما يمكن أن تحتاج، فلم يغفلوا حتى عن توفير شرائح اتصال إماراتية للضيوف، ناهيك عن البرامج المصاحبة التي تصلك رسائلها يوميا، فتتلبسك الحيرة من كثرتها وتنوعها، بين تجربتها وبين شغفك بزيارة المعرض.

معرض الشارقة الدولي للكتاب علامة مميزة في المنطقة العربية، كما هي الشارقة مميزة في خدمة الفعل الثقافي، والاحتفاء بالمثقفين والمبدعين، وتدعونا إلى التفاؤل بمستقبل ثقافي عربي مشرق، ومؤثر.

ahmad_helali@