عبدالله زايد

الرقابة الرقابة ثم الرقابة

الاحد - 03 نوفمبر 2019

Sun - 03 Nov 2019

يعتقد البعض أن جولة المدير بين أقسام إدارته والسؤال والتقصي عن كل صغيرة وكبيرة فيها تقليل من رؤساء تلك الأقسام، ويحسب آخرون أن التدقيق والملاحظة وإظهار الحرص على مختلف جزئيات العمل تشديد غير مبرر أو ثقة مفقودة بين المدير وموظفيه! والحقيقة أن الثقة لا تتعارض مع متابعة سير العمل، ولا يوجد تقاطع بين مدير أو رئيس جهة العمل وهو يؤدي دوره الرقابي بمسؤولية وجدية وبين العلاقة الطيبة مع جميع العاملين تحت إدارته.

يجب علينا تطوير المعارف والمعلومات حول معنى الوظيفة العامة والعمل الذي يقدم لخدمة الناس والمجتمع، ومسؤوليات هذه المهمة الوظيفية التي تتطلب رقابة ومتابعة، وعندما تتم هذه المتابعة فهي تدخل ضمن المألوف والاعتيادي، عندما يأتي رئيسي في العمل ويسألني عن جزئيات في عملي، ويريد مني تقريرا موثقا بالعمليات الوظيفية التي قمت بها، فيجب الامتثال وتقديم ما هو منوط بي بكل رحابة صدر وعدم الحساسية.

بعض الموظفين يسألون: لماذا هل بدر مني تقصير؟ أو يقولون: هل هناك شكوى ضدي؟ وعندما يبلغهم المدير بعدم وجود أي شكوى أو سبب محدد، يتذمرون ويعتبرون هذا الإجراء عدم ثقة أو تقليلا من الاحترام، وهم يغفلون أن من واجبات المدير أو المسؤول أن يقوم برقابة تسمى الرقابة الوقائية، وهي التي تستهدف منع الخطأ قبل وقوعه، ويغفلون أيضا عما يسمى بالرقابة خلال العمل نفسه أو خلال أداء المهمة نفسها، وهي التي تتابع جميع الخطوات والإجراءات التي تمت، والتأكد من سلامتها القانونية وتماشيها مع الأنظمة.

ومن الممكن أيضا أن يستغرب بعض الموظفين مثل هذه الإجراءات، خاصة عندما تتم بشكل مباغت، والحقيقة أن المراقبة والمتابعة المفاجئة أو الدورية أو حتى الدائمة، جميعها من صلاحيات المدير أو رئيس العمل أو حتى المسؤول عن فريق عمل محدد.

من أوجه رفض المتابعة والرقابة

رفض التقنيات الحديثة التي تهدف لتنظيم آلي لسير العمل، كالذي كان يحدث في أكثر من مقر عمل عند رفض التوقيع الالكتروني - البصمة - عند الحضور والانصراف، بدلا من التوقيع على ورقة A4 يضعها العامل الذي يفتح باب الإدارة صباحا. وفي هذا السياق أتذكر نقاشا دار حول فكرة وضع كاميرات مراقبة داخل الفصل الدراسي، حيث إن بعض المعلمين رفضوا بحجة أنها تنم عن عدم ثقة بالمعلم، والحقيقة أن الثقة موجودة ولكن الرقابة والمتابعة يجب أن تأخذ طريقها.

طبيعة العمل والوظيفة العامة تتطلب أن يفهم موظفوها أنهم يتعاملون مع مصالح عامة ومال عام، حتى وإن كانت الوظيفة بعيدة عن الأموال إلا أن هدر الوقت بالتغيب عن العمل أو التأخر عن الحضور أو الانصراف مبكرا أو تجاهل وإهمال أداء العمل وعدم إنجاز المعاملات؛ جميعها هدر للمال والوقت والجهد.

كل موظف سواء كان في وظيفة كبيرة أو صغيرة يجب أن يخضع للرقابة الاستباقية والمفاجئة والدورية والمستمرة، سواء أكانت من داخل إدارته أو قطاعه أو جاءت من جهات خارجية ذات علاقة. وصدق الله القائل في محكم التنزيل «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون». والقائل سبحانه «إن الله كان عليكم رقيبا». نحن أولى الناس بفهم معنى المتابعة والرقابة الوظيفية، وأكثر من يجب عليهم الترحيب بها والدعوة إليها.

abdullahzayed@