محمد الصلاحي

المجلس الانتقالي الجنوبي.. قبل اتفاق الرياض وبعده

الاحد - 03 نوفمبر 2019

Sun - 03 Nov 2019

تردد في الآونة الأخيرة في الإعلام العربي والغربي اسم المجلس الانتقالي الجنوبي، ودخوله مع الحكومة اليمنية في صراع مسلح استمر لأيام، وانتهى بانتصار قواته وخروج الحكومة من عدن، وهو القتال الذي كان امتدادا لخلاف دام لعامين ونصف العام، بالتحديد منذ مطلع مايو 2017، بعد إعلان تأسيس المجلس الانتقالي.

كيف أتى المجلس الانتقالي؟ وما هي دواعي تأسيسه؟ وكيف بدأ واستمر؟ وإلى أين وصل؟ وما هو المستقبل الذي ينتظره؟ أسئلة سنطرح إجابتها للتعريف به، مع قرب جلوسه إلى طاولة التوقيع على اتفاق الرياض مع الحكومة اليمنية غدا الثلاثاء حسب الإعلان الرسمي لموعد التوقيع من الحكومة اليمنية، ومن الدولة الراعية له المملكة العربية السعودية، وهو الاتفاق الذي سيوحد مواقف القوى المناوئة لانقلاب الحوثي، نتيجة جهود حثيثة بذلتها المملكة للوصول إلى هذا الاتفاق بعد حوار دام شهرا ونصف الشهر.

مثل المجلس الانتقالي الجنوبي امتدادا سياسيا وجماهيريا للحراك الجنوبي السلمي الذي انطلق في محافظات الجنوب عام 2007 ضد نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، نتيجة مظالم مارسها نظام صالح تجاه الجنوب بعد أحداث حرب 1994 بين الشمال والجنوب، والتي انتهت باجتياح قوات علي صالح للجنوب، رغم الرفض العربي حينها للحرب، والذي عبرت عنه الجامعة العربية، وتبنت في ذلك الوقت المملكة العربية السعودية الدعوات لوقف الحرب وحل الخلاف بالحوار، وكذلك صدور قرارات أممية نصت على وقف الحرب.

وبمقابل الوضع السياسي الذي تشكل باكرا في الجنوب منذ ما بعد 1994 ثم 2007، كان الانقلاب الذي قامت به ميليشيات الحوثي البداية التي أخرجت الجنوب من طور النضال السلمي ضد نظام صالح، إلى المقاومة المسلحة ضد الانقلاب، مما نتج عنه في الأشهر الأولى من عاصفة الحزم تحرير المحافظات الجنوبية التي احتلتها الميليشيات الحوثية (عدن، ولحج، وأبين، والضالع، وشبوة)، ثم تأسست من أفراد المقاومة تشكيلات عسكرية على امتداد محافظات الجنوب، كانت النواة التي شكلت لاحقا المنطلق العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي.

اعتمد المجلس الانتقالي الجنوبي منذ بداياته الأولى خطابا سياسيا بلا سقف، وهو ما تسبب في خلافه مع الحكومة الشرعية لتعارض موقفه هذا مع الموقف العام للحكومة، في ظل واقع يستوجب أن تدار المعركة ضد خصم واحد يتمثل في ميليشيات الانقلاب، ورغم خطابه المرتفع، وتطور الوضع من خلاف إلى مواجهات عسكرية مع الحكومة، ظل الانتقالي ممسكا بخيط رفيع لم يقطعه، تمثل في الإقرار والاعتراف بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي دون الانخراط الفعلي والكامل فيها.

يُحسب للشرعية أنها أعطت الانتقالي مساحة للتحرك باعتباره مكونا سياسيا بعض أهدافه تشكل قاسما مشتركا معها، وتتمثل في مقاومة انقلاب الميليشيا الحوثية، ودخول عدد من المنتمين له في صفوف الحكومة، بالمقابل حرص قادة الانتقالي على التذكير بين فترة وأخرى بتمسكهم بشرعية الرئيس هادي، وأن لا خروج عنها ولا بديل لها كمشروع جامع في مواجهة الانقلاب.

المجلس الانتقالي واحد من مكونات جنوبية عدة، وليس المكون الوحيد جنوبا لكنه الأكبر حجما والأكثر شعبية والأقدر تنظيميا، مارس بنجاح العمل التنظيمي والسياسي ووصل بصوته ومطالبه إلى محافل دولية كبرى، وأحدث فارقا واهتماما في مستوى التعامل الخارجي مع مطالب الشارع في الجنوب، وبقدر نجاحه في هذا الجانب ظل بعيدا عن جوانب أخرى كالإدارية، والخدمية، وتسيير شؤون الحياة العامة، وخدمة المواطنين التي يرى فيها من واجب الحكومة القيام بها، رغم أنه خاض ضدها مواجهات مسلحة انتهت بإخراجها من عدن.

يحمل المجلس الانتقالي

تطلعات شعبية كبيرة في الجنوب، ويمثل وجوده عاملا إضافيا يضاعف قدرة القوى المناوئة للانقلاب، والتي رسم اتفاق الرياض خارطة طريق لها، وحدد مسار علاقتها ببعضها، وأعاد ترتيب صفوفها وتوحيد جبهتها.

بقاء الانتقالي رسميا خارج تشكيل السلطة الشرعية ينزع عنه أي مشروعية سياسية، ويجعله في دائرة الشبهة الميليشاوية عسكريا، ويفقده أي تأثير في المحافظات الجنوبية. لذلك، دخوله ضمن السلطة وفقا لاتفاق الرياض الذي حدد معالم العلاقة وضوابطها، يمنحه الغطاء الشرعي، فالخروج عن الشرعية أولى الخطوات التي ستضعف أو تنهي دوره السياسي، وتجعله في مرمى الرفض العربي والإدانة الدولية، ووصف وجوده بأنه غير قانوني، وبطريقة أو بأخرى البقاء ضمن الإطار العام للشرعية يمنح الانتقالي مشروعية استمراره، وحتى بقاءه.