دخيل سليمان المحمدي

هل من ضماد لالتئام لغة الضاد؟

الجمعة - 01 نوفمبر 2019

Fri - 01 Nov 2019

يقال إن غرابا رأى حمامة تمشي فأعجبته مشيتها، فحاول أن يقلدها فلم يستطع، وبعد أن فشل فشلا ذريعا أراد العودة لمشيته القديمة، فوجد نفسه قد نسيها، لقد فقد هويته بالكامل، فلا هو غراب ولا صار حمامة!

هذه القصة تنطبق على المسترطنين الذين يتباهون برطانتهم التي تسببت لنا بغثيان المنطق، وأفقدتنا جمال الحديث، وكأنك تشاهد ثوبا حسن تفصيله ومقاساته لكنه مع الأسف أصبح مرقعا ومشوها بألوان غير متناسقة، وذلك لأن البعض يعتبر الرطانة هي التحضر، حيث يعوج لسانه لنطق مصطلحات بلغة أجنبية، مما «أبلش» كثيرين أثناء مقابلاتهم التلفزيونية عندما يريدون ينطقون كلمة (Hard luck) التي تعني حظا أوفر بكلمة (هارد لكم) يعنون بها صيغة الجمع! مما يدل على عدم المعرفة، لا ننتقدهم لعدم معرفتهم أنكلمة (Luck) تعني الحظ، بل ننتقدهم لتمسكهم بهذه المصطلحات التي تسبب لهم الإحراج كثيرا.

لم يقف الحال على هؤلاء المسترطنين، بل إن برامج إحدى الإذاعات الشبابية بالإنجليزية، فالإذاعة عربية والمذيعون عرب والمستمع أيضا عربي، لكن نجد البرنامج باسم إنجليزي، عجبا من ذلك! ومن المضحك المبكي أنه في أحد البرامج التلفزيونية المتحدث تم ابتعاثه بعد حصوله على البكالوريوس من إحدى جامعاتنا، يتحدث عن إحدى القضايا الاجتماعية، ومعظم مصطلحاته بالإنجليزية لدرجة أنه يقف كثيرا ويقول للمقدم «ماذا تسمونها عندكم باللغة العربية؟»، هذا غير ما نعيشه ونشاهده في مجتمعنا عندما يسمع أحد الوالدين بأن طفله يتكلم بمصطلح إنجليزي يرفع رأسه مغرورقة عيناه فرحا بهذا الإنجاز العظيم، حتى عندما يذهب هو أو طفله لا يستودعه الله بل يقول له (باي)!

إن لغتنا العربية تئن وتحتضر ولا يسمع أنينها إلا القليل، حيث هناك حاجة ملحة لتطويرها، لأنها أصبحت جامدة في قوالب ثابتة ميتة، مما جعل كثيرا من الجهلاء باللغة، يعتبرون جهلهم هذا تحضرا، عندما تجدهم ينطقون بكلمات إنجليزية حفظوها من أيام المرحلة الدراسية المتوسطة، ومع الأسف الشديد هذا مظهر من مظاهر الهزيمة.

أنا لست ضد تعلم الإنجليزية التي أصبحت مهمة جدا، ولكن أتحدث عمن يتحدث العربية ويمزجها بمصطلحات إنجليزية، حتى في مسميات المحلات يكتب بالعربية مثلا (شوز) و(سوبر ماركت)، ناهيك عما نشاهده في مدرجات ملاعبنا بما يسمى (التيفو) من عبارات مكتوبة بالإنجليزية وكأننا نشاهد مباراة في أبطال أوروبا. إنه التقليد الأعمى الذي أفقدنا هويتنا كما حصل مع الغراب.

أتمنى من وزارة الإعلام ومن هيئة الرياضة أن تمنعا منعا باتا أي مصطلحات أجنبية في برامجهما، ووضع عقوبة صارمة لمن يتجاوز ذلك، من أجل الحفاظ على هوية لغتنا العظيمة التي قال عنها فريتاج الألماني (اللغة العربية أغنى لغات العالم)، وقال وليم وورك (إن للعربية لينا ومرونة يمكنانها من التكيف وفقا لمقتضيات العصر). فيا شباب الأمة العربية هذا ما قاله بعض علماء الغرب عن لغتكم فكيف تتجاهلونها وتلهثون خلف لغاتهم الأجنبية؟