طارق جابر

العمليات المعقدة ..ما يجب أن نفعلوما يجب ألا نفعل

الخميس - 31 أكتوبر 2019

Thu - 31 Oct 2019

في مشهد من مسرحية هنري الثامن بعدما قرر الملك هنري الانفصال عن كنيسة روما وسلطة البابا بعد أن أخذ رأي أحد المستشارين، يتجادل الوزير مع المستشار قائلا: كان يجب أن تخبره بما يجب أن يفعل، لا ما يستطيع أن يفعل.

هناك فرق بين ما يمكننا أن نفعل كجراحين، وبين ما يجب أن نفعل، بعد أخذ كل شيء في الاعتبار. خطر ذلك في بالي وأنا أزور أحد المراكز المتقدمة جدا في جراحة السمنة في بلجيكا، حيث أخبرني كبير الجراحين هناك أن بعض عمليات السمنة المعقدة تم إيقافها في بلجيكا، مثل عمليات ما يسمى عند الناس هنا التكميم مع تغير المسار والتكميم مع التحوير (SADI_SASAI)، وذلك ليس لعدم وجود جراحين ماهرين يستطيعون إجراءها بكل سلاسة، بل لأن لها تبعات قوية تحتاج إلى متابعة مكثفة وتحمل خطورة على المديين المتوسط والطويل. كما علمت أن فرنسا حصرت عمليات تغير المسار المصغر في ثلاثة مراكز فقط، رغم أن هذه العملية الجيدة لها إعلامها من الجراحين الفرنسيين، وضيقت الخناق أكثر على العمليتين السابقتين، لا لسبب غير أن هذه العمليات تتطلب متابعة معينة واستعدادات خاصة لا تعتقد وزارة الصحة الفرنسية أنها متاحة في غالبية مستشفياتها على جودتها.

تزامن ذلك مع نقاش علمي مع بعض الزملاء هنا من أهل العلم والخبرة، ولمست فيهم الحماس الشديد لإجراء هذه العمليات والتوجه لنشرها، وهنا أنا أتحدث عن عدد كبير من الجراحين في أماكن ومدن وخلفيات مختلفة.

وعندما سألنا أحدهم قائلين: لكننا نعالج عددا من مرضاك من سوء التغذية ونقص العناصر وعدد من المضاعفات! أجاب: نعم فمرضانا مع الأسف ليسوا على درجة كافية من الوعي.

حسنا، إذا كان المرضى ليسوا على درجة كافية من الإدراك، أليس لدينا نحن الإدراك لنكتشف هذا؟ هؤلاء هم المرضى الذين كتب علينا أن نعالجهم، فمن البدهي أن نأخذ ذلك في الحسبان عند وضع الخطة العلاجية.

إن إجراء أنواع من عمليات السمنة المعتمدة على سوء الامتصاص الشديد يتطلب ثلاثة عناصر متكاملة:

الأول:

  • جراح متمكن من هذا النوع من العمليات، ومتفرغ وملتزم بمتابعة مرضاه عن كثب بدون توقف.




الثاني:


  • نظام صحي متكامل لا يجد المريض نفسه فيه وحيدا، ويضمن للمريض توفير المتابعة والدواء والعلاج دون أي ثغرات أو اشتراطات.




الثالث:


  • مريض واع وجاد وملتزم، يأخذ قراره بناء على معلومات كاملة، ويظهر درجة عالية من الالتزام والقدرة على التقيد بالخطة العلاجية.




في عالمنا الحقيقي هناك مرضى مندفعون يبحثون عن أي حل، وحبذا لو كان رخيصا ولا يشترط أي جهد، وهناك غطاء صحي مشتت بين تأمين يترك مرضاه في أول مفترق طرق، وخدمات صحية غير مترابطة، ةكثير منها غير مؤهل لمتابعة هذه النوعية من المشاكل، وأخيرا أطباء لم يحسبوا الأمور بطريقة صحيحة وبداخلهم جرعة كبيرة من المغامرة وحب التحدي ورغبة في التميز والظهور.

يجب أن يكون هناك تنظيم واضح لمثل هذه العمليات، من يقوم بها؟ وفي أية مراكز؟ ولمن وكيف؟ ولا أن ننتظر سنوات طوال لنكتشف ما اكتشفه البلجيك والفرنسيون المساكين!

drtjteam@