أحمد صالح حلبي

قطاعات حكومية بمراكز تجارية!

الخميس - 31 أكتوبر 2019

Thu - 31 Oct 2019

رغم ارتفاع أعداد المراكز التجارية في محافظة جدة، فإننا نراها أكثر التزاما بمواصفات ومعايير البناء، إضافة إلى جمال التصميم الهندسي، وتوفر وسائل الأمن والسلامة بدءا من المداخل الرئيسية مرورا بمواقف السيارات الكافية لأصحاب المكاتب والمحلات التجارية والزوار، على عكس ما نراه في مكة المكرمة التي يبدو أن تصميم بعض مراكزها التجارية جاء مرتبطا بالموقع أولا فقضى على الأسلوب الجمالي، وشكلت مساحتها عائقا في عدم توفر مرافق الخدمات الأساسية والمواقف الكافية للسيارات.

وإن توفرت مواقف السيارات في بعض المراكز التجارية فإن مساحتها لا تتجاوز نسبة الـ 10 % من الاحتياج الفعلي، وتكون عادة أسفل المبنى فيما يعرف بالبدروم، وتخصص لسيارات كبار المستأجرين دون موظفيهم، أو تذهب لأحد القطاعات الحكومية المستأجرة، كما هو الحال بالمركز الذي تقطنه إدارة بريد مكة المكرمة، وفرع الأحوال المدنية بالرصيفة، فالمواقف السفلى خصصت لسيارات البريد، وحرم المراجعون للبريد ولفرع إدارة الأحوال المدنية، وأصحاب المحلات التجارية والمتسوقون من إيقاف سياراتهم بها، فهل يمكن القول بأن المركز التجاري وفر المواقف الكافية؟

ولا يمكن أن نلوم أصحاب المراكز التجارية وحدهم، ونتهمهم بعدم توفير المواقف الكافية للسيارات، بل ينبغي أن نلوم الجهة الحكومية التي تتخذ من المراكز التجارية مقرات لها، دون النظر للمعاناة التي ستلحق بالسكان المجاورين أولا وبالمراجعين ثانيا.

وخير مثال على ذلك فرع وزارة التجارة والاستثمار الذي انتقل مؤخرا من مقره السابق بحي العزيزية إلى موقعه الجديد بمركز تجاري بالدائري الثالث، ليخرج من موقع عانى فيه السكان من زحمة الموظفين والمراجعين، إلى موقع يضم المقر الرئيسي لمؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا والعديد من المكاتب التجارية، ليتعذر توفر مواقف كافية لسيارات الموظفين، وغياب واضح لمواقف سيارات المراجعين!

وقبل أن نلوم أمانة العاصمة المقدسة التي سمحت بإنشاء مراكز تجارية تضم مكاتب ومحلات تجارية دون المطالبة بتوفير مواقف كافية للسيارات، لا بد أن نلوم القطاعات الحكومية التي لم تعمل على توفير مبان خاصة بها منذ عشرات السنين، فأوجدت الإزعاج والآلام للسكان في المناطق التي يقطنونها.

ولا نعرف متى تبدأ القطاعات الحكومية في ترتيب أوضاعها وتطوير آليات العمل بها وتسعى لوضع جدولة زمنية تتضمن إنشاء مقرات خاصة لها تتوفر بها الخدمات كافة، خاصة أن بعض القطاعات تمتلك الأراضي المناسبة لإقامة مقراتها، أما بقاء كثير من القطاعات الحكومية في مبان سكنية وليست مكتبية مستأجرة، وغير مؤهلة للتحول كمكاتب، فيشكل قلقا لدى كثيرين.

والسؤال: لماذا لا يتم العمل على وضع تنظيم خاص يتضمن تشكيل لجنة لاستئجار مقرات الإدارات الحكومية، تضم في عضويتها ممثلين عن المرور والدفاع المدني والبلديات، وتكون مهامها إجراء دارسة ميدانية للموقع قبل استئجاره، ومعرفة مدى توفر مواصفات الأمن والسلامة به، وقدرته على توفير الخدمات بشكل جيد لمراجعي الدائرة، حتى لا يتضرر السكان من المراجعين، ولا يتضرر المراجعون أيضا؟

ولماذا لا يفسح المجال أمام المستثمرين العقاريين للاستثمار في مواقع القطاعات الحكومية لإنشاء مقرات لها؟ خاصة أن هناك العديد من المواقع والمساحات الجيدة التي يمكن أن توجد عائدا استثماريا جيدا للقطاع الحكومي، بدلا من الاستمرار في الاستئجار لسنوات بملايين الريالات.

[email protected]