شاكر أبوطالب

الترفيه المستدام والاستراتيجي

الاحد - 20 أكتوبر 2019

Sun - 20 Oct 2019

منذ عامين أو أقل، خطت المملكة خطواتها الأولى في صناعة الترفيه بالمملكة، لتبدأ سباقا مع الزمن من جهة، وتنافسا مع دول عديدة سبقتنا في هذا المضمار من جهة أخرى. وفي مساء الخميس الماضي استحوذ افتتاح موسم الرياض على اهتمام الجميع في السعودية، وقد كان افتتاحا باهرا بكل تفاصيله التي تم توثيقها في وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاعل معها معظم السعوديين وكثير من الخليجيين وبعض الأشقاء العرب.

على مستوى الدول المتقدمة، ينصب جزء من اهتمام الحكومات بوقت الفراغ وكيفية استثماره في الأعمال المفيدة والبناءة، أو استغلاله في الترفيه عن النفس بمختلف الوسائل وأحدثها، يشجع على ذلك التطور السريع في صناعة الترفيه خلال العقود القليلة الماضية.

في المملكة العربية السعودية يمثل الترفيه مكونا رئيسا في رؤية 2030، لهدف تنويع الاقتصاد، وإيجاد منظومة ترفيهية مستدامة ذات بعد استراتيجي، غايتها تمكين المجتمع، وتحفيز التنمية المستدامة، واستثمار القوة البشرية، وإثراء حياة الشابات والشباب بمجموعة واسعة من التجارب والخبرات. إضافة إلى خلق مزيد من الفرص الوظيفية والاستثمارية في صناعة الترفيه والصناعات المساندة.

ولا شك أن البيئة والمناخ عاملان مهمان يؤثران في صناعة الترفيه والسياحة، وبصورة عامة فإن مناخ المملكة حاد وقاس صيفا وشتاء، فمن صور الاستدامة والاستراتيجية في صناعة الترفيه أخذ طبيعة المناخ والتضاريس الجغرافية بعين الاعتبار، ليس فقط في اختيار التوقيت المناسب لإطلاق مواسم الترفيه، بل وأيضا لبناء مرافق تتجاوز جميع التحديات المناخية في فصول السنة كافة.

ومن الاستدامة أو الاستراتيجية في الترفيه تشييد مرافق خاصة بالفعاليات الترفيهية، خاصة في المدن ذات الكثافة السكانية العالية، حتى لا يتكرر ما يحدث حاليا في موسم الرياض، إذ تم حجز استاد الملك فهد الدولي وملعب الأمير فيصل بن فهد بالملز، لإقامة بعض فعاليات الترفيه في هذين الملعبين، وبالتالي تأجيل بعض المباريات، الأمر الذي سيؤثر ولو بشكل غير مباشر على قيمة دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين الذي استثمرت فيه مليارات الريالات ليصبح في مقدمة الدوريات العالمية!

ومن الترفيه المستدام والاستراتيجي إنشاء سلسة متكاملة من المرافق الدائمة، القادرة على احتضان مختلف الفعاليات الترفيهية، عوضا عن إقامة مرافق مؤقتة، تستهلك كثيرا من الأموال، الأمر الذي يسهم في تقليص العوائد، وزيادة الهدر المالي، وبالتالي فقد بعض الفرص الاستثمارية في المستقبل.

وليس من الاستدامة أو الاستراتيجية في صناعة الترفيه أن يغلب أسلوب التنفيذ السريع على مشاريع الترفيه، حتى لو كان ذلك في بداية التأسيس لصناعة الترفيه في المملكة، إذ يستهلك هذا الأسلوب أضعاف التكلفة الطبيعية لتنفيذ المشاريع، وربما نغامر كثيرا في مستويات أخرى كالجودة والسلامة.

ولا ينبغي في صناعة الترفيه البدء من حيث انتهى الآخرون فحسب، بل يجب التفوق على خططهم المستقبلية، بما يتناسب مع هوية المجتمع، إلى جانب مواكبة الاتجاهات الحديثة، واتباع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وتسويق الفرص التي يوفرها قطاع الترفيه في السعودية، والتي تعود بفوائدها على أبناء المجتمع، لصناعة ترفيه مميز لا ينافسنا فيه أحد.

ما سبق يشكل محاولة متواضعة للمساهمة في صناعة قطاع ترفيهي مستدام واستراتيجي، ولا يقلل من حجم الجهود المبذولة والمستمرة التي أنتجت فعاليات مميزة في مدن المملكة، والأيام الأولى من موسم الرياض تبشر بمزيد من التميز في شتاء العاصمة.

shakerabutaleb@