عبدالحليم البراك

صالح الطريقي الفيلسوف الرياضي!

الاثنين - 30 سبتمبر 2019

Mon - 30 Sep 2019

يعد لاعب كرة اليد الهلالي المعتزل صالح الطريقي أشهر إعلامي هلالي حاليا، إذ إنه يمارس لغة مختلفة عن الآخرين، ويمارس نقدا فلسفيا للكرة السعودية، والزاوية التي يأخذها صالح الطريقي تختلف عن غيره، فتاريخه في كرة اليد يظهر أن له يدا قوية كان يسجل فيها أهدافا شهيرة بكرة اليد، واليد نفسها تحمل قلما حادا لطيفا. ورغم أن يده في كرة اليد كانت تميز فريقه المفضل أثناء لعب كرة اليد، إلا أن يده التي تحمل قلمه لا تعرف صديقا ولا قريبا ولا هلالا ولا قمرا، بل تعرف الحقيقة فترمي بها شررا، ورغم أن أكثر المحاولات في اللقاءات الصحفية معه تحاول إحراج صالح الطريقي، إلا أنه ينجو بطريقة فلسفية ذكية، بل ينقلب الهجوم عليه هجوما منه على الآخر!

وهو يعرف أهدافه الإعلامية جيدا، بمعرفته نفسها لأهدافه في كرة اليد أيضا، صالح الطريقي يؤمن بالنقد الداخلي، فهو ينقد من الداخل وفي الداخل، ويعد النقد من داخل الداخل حجر الزاوية، وإن تحقق له أهداف النقد الداخلي وداخل الداخلي فإنه لن يتوانى في أن يوجه سهامه لأهداف أخرى.

هو ساخر مع محبته، ويعطي وردة في كل تغريدة، لكنه في الحقيقة لا يعطي وردة، بل سهما نقديا عنيفا يهز كيانات من يرسله إليهم، وهذا السهم العنيف غير المتوقع مغلف بلغة أدبية وحكيمة وفلسفية، فهو يلتقط الزاوية الأخرى، الزاوية المظللة التي لا يراها إلا هو، كما لا يستخدم التاريخ في حججه مع الآخرين، بل يستخدم المنطق والعقل، وتحليل الخطاب الذي يقدمه الآخر في نقده لمفاهيمه، فينسف الفكرة التي تكون هدفه من داخلها، لا من خارجها، وهي طريقة أشبه ما تكون بإحدى الطرق التدميرية في أدائها.

كما يستخدم البراديم الفلسفي في سياق نقده الرياضي، فهو لا يقدم نقدا واحدا في تغريده، بل حزمة من النقد في تغريدة واحدة مما يربك الخصم (لاحظ أن خصمه في الداخل أكثر من الخارج)، وهو في طريقة نقده يحمل مصداقية عالية، لأن النقد في الداخلي عميق ومن البيت نفسه، فهو يعرف الأبعاد ويعرف الأهداف الظاهرة والباطنة أحيانا، مما لا يتعسر عليه أن يدرك أن سهامه ستصل حتما، فليس السهم الذي يأتي من داخل الحصن كالسهم الذي يأتي من خارج الحصن، فالسهام الداخلية (وهي إصلاحية حتما ولا شك) أقوى وأصدق وأوقع، بينما إن صارت سهامه خارجية فقدت تركيزها الطبيعي، فاختلط بها الهوى مع الهوية فصارت لا تعدو من ضمن حزمة سهام الخارج التي تتعدد وتتكاثر لكنها لا تؤثر على الخصم!

أخيرا، أشدد على أن صالح الطريقي قيمة نقدية رياضية كبيرة، وأن رياضتنا تقوى بهذه المقاربات النقدية الرياضية ولا يضرها هذا التنوع في الخطاب، فإنه يقوي المشهد الرياضي ولا يضعفه، فإن قوة المجال الرياضي من قوة أصحابه، ويكون هشا إن سيطر طرف على الآخر، وعلى الإعلام وأدوات القرار والنقد، وعندها يصبح المشهد عبارة عن طريق من اتجاه واحد لا يغري أحدا، ومهما يكن من أمر، فصالح الطريقي - بهذه العقلية والأسلوب - إضافة رياضية للمشهد الرياضي الإعلامي السعودي، ولا يتردد في إضافة وردة جميلة مع محبته مع كل نقد عنيف لطيف!

@Halemalbaarrak