رابعة منصور

يحق لك أن تفخر بي يا بلدي!

السبت - 21 سبتمبر 2019

Sat - 21 Sep 2019

عادة ما تزخر المقالات المصاحبة لمناسبة الاحتفال باليوم الوطني بعبارات رنانة تعتد بالوطن، وتشيد بإنجازاته، وتذكر بتاريخه، وتدعو للفخر به، وأعتقد أن الأغلب يوافقني الرأي بأن الفخر يليق بوطن كالسعودية.

لكني في مقالي هذا وبمناسبة كهذه لن أكتب كما يكتب عادة، بل سأخاطب وببساطة بلدي كمواطنة سعودية بسيطة أمثل طيفا كبيرا من مجتمعي.

سأخبرك أولا يا وطني بأني أستعذب تسميتك «بلدي» وليس وطني، وحقيقة لا أعرف سببا حرفيا لذلك سوى أن هذه المفردة تشعرني بحميمية أكثر تجاهك. أريد أن أخبرك يا بلدي بأني واحدة من بناتك، عاصرت كثيرا من الخيبات، لكني أحمل قناعة راسخة بداخلي بأن الجانب الجميل يرى بحسب عين الرائي، وأن الفرصة وإن تجاهلتني فسوف أركض خلفها إلى آخر قطرة عزم.

كنت أسمع في محيطي عبارات الامتعاض من مثالب المجتمع، لكن قناعتي في كل مرة تخبرني بأن الجميل في مجتمع بلدي أكثر، وأن تمسكي بالإيجابي هو سلاحي لتغيير السلبي، ورغم اتهامي باللا واقعية، لكنني مصرة على مبدأ أن الجمال هو علاج النقص، نعم نقص فقط، والنقص ليس بمعضلة.

بعد كفاح مضن وإصرار لا يعرف الاستسلام، حملت حقائبي للمهجر وعيني على مستقبل يعوضني ما فات. ومذ حطت قدماي على أرض الاغتراب، حملت نفسي ودون طلب من أحد مسؤولية الرد والدفاع عن بلدي، عينت نفسي سفيرة دون قرار.

كان يدفعني لذلك الأخبار السلبية التي يعج بها الإعلام الغربي، وإحساسي بالمسؤولية لأني أمتلك القدرات التي تمكنني وبكل جدارة من الذود عن بلدي. وهذا ما حصل فعلا، استغللت كل فرصة في الجامعة، في الشارع، في وسائل المواصلات، في الكنائس، لأمرر رسائل واقعية وجميلة عن بلدي تفند ما يروج عنه. وفي كل مرة سمعت فيها عبارات مثل «علمتنا ما لم نكن نعلمه، غيرتِ الفكرة التي كنا نعتقدها عن السعودية، أنتِ سفيرة لبلدك»، كنت أنتشي فرحا، وأيضا أزداد قناعة بأني مسؤولة أكثر وقادرة على فعل ما هو أكبر وأشد تأثيرا.

قررت استخدام شغفي بالكتابة، يحدوني التأثير الإيجابي الذي أحرزه في كل نشاطاتي، ومعرفتي بواقع جديد كان غائبا عني، والرغبة في استثمار وجودي في الغرب لخدمة بلدي وخوض مجال الكتابة الصحفية باللغة الإنجليزية، ومجددا خضت غمار البحث عن فرصة دون كلل ودون التفكير فيما هو ممكن أو غير ممكن، فراسلت السفارة السعودية، وراسلت رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز أطلب فرصة التدريب على الكتابة الصحفية باللغة الإنجليزية. لم أتلق ردا، لكني كالعادة لم أستسلم ولم أحبط وماضية لتحقيق هدفي دون كلل، وسأحقق ما أصبو إليه، وسأنجح وسأكتب عنك يا بلدي بقلمي وفكري وقريبا في الصحف الغربية.

هل تعرف يا بلدي كيف سأحتفل في غربتي بعامك الـ 89؟ اشتريت رموز الديانة المسيحية وسأتوجه غدا الأحد لقداس إحدى الكنائس كما فعلت العام الفائت، لأرسل رسالة واقعية مفادها بأنك أرض السلام، وأنك تهدف للتسامح، فاليقين يسكنني كما كان دائما بأنني قادرة على فعل الكثير لك.

هذه باختصار لمحات عن حب إحدى بناتك أرويها لك يا بلدي في يومك، أخبرك فيها بأني سعودية نتاج أرضك، طموحة واثقة مصرة مثابرة، تملؤني الحياة، أخوض الصعاب، وأصارع الفشل وينتشلني الأمل، أرى فيك الأخضر وأتمسك به لأزرع الجاف من أرضك، أخبر عنك بأفعالي لا بأقوالي، لذلك أقول لك في عيدك وبكل ثقة: يحق لك أن تفخر بي كما أفخر بك. وأدعو أبناء بلدي لأن يخبروك في عيدك بقصص تجعلك تفخر بهم كما يفخرون بك، وكل عام وأنت تاج أخضر على رأسي يا بلدي.

Rabeahmansoor@