عبدالله زايد

حتى يتحقق الإبداع المجتمعي

الجمعة - 13 سبتمبر 2019

Fri - 13 Sep 2019

أي خطوة راسخة مميزة للأمام لن تتم ولن تتحقق دون عملية إبداعية مستمرة ومتواصلة، لأن الإبداع في أبسط مفاهيمه وتعاريفه ودون الدخول في الجوانب العلمية هو: تقديم كل ما هو جديد ومفيد، والمقبول بين الناس أيضا وما يلبي الحاجة، وإعادة إنتاج ما هو موجود وتطويره أيضا.

إن أمعنا النظر نحو منبع الإبداع وآلياته وطرقه فإن أول ملاحظة سنجدها ماثلة أن التطور والتقدم والمعرفة وكسب العلوم وتسخير التقنيات، خضعت جميعا بطريقة أو أخرى لعملية إبداعية، لا يمكن تخيل أن كل ما هو متميز ومفيد وملهم حدث دون أن يكون هناك عملية إبداعية وقفت خلفه، وبما أننا قد نتفق على هذا الجانب، وهو أن فوائد الإبداع عظيمة ومتميزة، فالسؤال البدهي: ما الذي يحد من انتشاره في المجتمعات؟ وما الذي يمنع أن تكون العمليات الإبداعية هي الأساس في كل بيئة عمل والإطار لكل مهمة، ويكون الإبداع بمثابة أرضية يتم البناء عليها خلال مسيرتنا نحو المستقبل والتطور؟

هذا السؤال يكون له حضور أقوى عندما نلاحظ أن هناك أعمالا ومهام تتم وتعد مقبولة لكنها لا تحقق ما يتطلع له الجميع، بمعنى أنها مشاريع اعتيادية أو مكررة، وهي التي يمكن القول بأنها غير مبدعة، والفرق شاسع وكبير بين ما يقدم بتميز وإبداع وبين ما هو مكرر ونسخة معاد تصميمها دون أي تكلف أو تعب، ويتم التوجه نحو التكرر والتقليد لأن عملية الإبداع تتطلب توفر متطلبات عدة على درجة عالية من الأهمية جون هارتلي، مؤلف كتاب الصناعات الإبداعية، كيف تنتج الثقافة في عالم التكنولوجيا والعولمة، أوضح بعض هذه المتطلبات فقال «الوظيفة الاجتماعية للإبداع لا تتحقق لأن الأفراد مبدعون، لكن فقط حين يتوفر لمثل هؤلاء الأشخاص النمو، والمال، والبنية التحتية، والتنظيم، والأسواق، وحقوق الملكية، وعمليات واسعة النطاق يمكنها استيعاب ذلك الإبداع».

ببساطة متناهية فإن هذه المتطلبات تعني الحاجة لمشاريع قوانين وتنظيمات وتشريعات متعددة، فضلا عن ميزانيات مالية دقيقة. الإبداع يتطلب شمولية في الإصلاح المجتمعي، فلا يكفي صفاء النيات والرغبة والحماس لتحقيقه، بل هناك ما هو أبعد، فهو يتناول الجوانب التعليمية والمعرفية والحاجة المجتمعية، ودون تنظيم قوي وشامل يدعم الإبداع ويوفر مظلة حماية وأمان لكل مبدع للعمل والتفكير في بيئة صحية سليمة لن نذهب بعيدا. الإبداع يبدأ من الوعي أولا بمتطلباته ثم فهم الحاجة الماسة له ثم المعرفة بالآليات والطرق السليمة للتوجه نحوه، وأخيرا العلم بخطوات التطبيق والتنفيذ والمراجعة والمتابعة لنجاحه.

abdullahzayed@