عبدالله محمد الشهراني

أسماء مدارس البنات... نورينا يا وزارة التعليم!

الخميس - 05 سبتمبر 2019

Thu - 05 Sep 2019

حقيقة نادرا ما أكتب في الشأن العام، لكن هناك أمورا تستفز الكاتب فتجعله يخرج عن الإطار الذي وضعه لزاويته الصحفية. بداية الدراسة سألت ابنتي إيمان عن اسم مدرستها متوقعا أنه قد تغير، وكانت الإجابة «الابتدائية التاسعة عشرة بعد المائة (119)»، سألتها وماذا يعني لك هذا الاسم، ولا شيء بابا (صادقة .. يعني صفر!)، سألتها وأنا أنقل لكم ما دار بيننا بالنص، ما السبب وراء بقاء الاسم هكذا ولم لا تحمل المدرسة اسم شخصية معروفة، فكانت إجابتها (ممكن عيب يكون!)، أعلم جيدا أن هذا العهد قد ولى، وأن هذا المفهوم الخاطئ قد تجاوزناه.

(لكن من جد نورينا يا وزارة التعليم)، ما المعضلة الكبيرة والتحدي الضخم وراء عدم تغيير هذه المسميات الرقمية حتى الآن، التي وكما قالت إيمان «لا تعني شيئا» بل تخلق وعيا مشوها لدى البنات الصغيرات، حقيقة نريد أن نفهم يا وزارة التعليم! إن الأسماء لها تأثير كبير على وعي متلقيها، لا أحتاج أن أسرد هاهنا دراسات أو أبحاثا تثبت ما للأسماء من تأثير إيجابي أو سلبي، لا يوجد أي مانع من التسمية ولا عذر أيضا، أعني اختيار أسماء مناسبة للمدارس بدلا من الأرقام. حتى إن سيد الخلق عليه الصلاة والسلام كان يتفاءل بالأسماء، وكلنا نعرف قصته الشهيرة مع سهيل بن عمرو الذي جاءه مندوبا عن قريش في صلح الحديبية، فقال عليه الصلاة والسلام عندما رآه «لقد سَهُلَ لكم من أمركم»، وكان صلى الله عليه وسلم يطلق الأسماء على دوابه، وحتى أغراضه الخاصة «الجمادات» كانت لها أسماء أيضا «صندوق المسواك كان اسمه (ريان)، ودرعه في غزوة بدر (ذات الفضول)، والقصعة (سديرة)، وعمامته (سحاب) ... إلخ» عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

إن بقاء أسماء مدارس البنات على هذه الحال لا يواكب أبدا المرحلة التي تعيشها المرأة السعودية الآن، ولا يتماشى مع تمكينها وفتح أبواب المستقبل أمامها، وإن تاريخنا مليء بأسماء سيدات كانت لهن إسهامات كبيرة على مدى تاريخنا المجيد، صحابيات وعالمات وشاعرات وسيدات مجتمع قدمن من أعمارهن الكثير، ولا شك أن أسماءهن اللامعة أولى بأن تكون على لوحات مدارسنا بدلا من (119)!، وكم أتمنى أن أرى على لوحات المدارس أيضا أسماء نسائية معاصرة مثل «الأميرة ريما بنت بندر، الدكتورة حياة سندي، الدكتورة سمر الحمود» وغيرهن، وألا ننتظر موتهن - كما يحدث غالبا للأسف - حتى نكرمهن. أسماء سوف تثري فضول الطالبات، وتدفعهن ليعرفن عنها الكثير، وبالتالي أن تبقى محفورة في عقولهن إلى الأبد.

بالنسبة لي ما زلت مرتبطا بشخصيات عشت مع أسمائها سنوات عديدة (الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان، والإمام محمد بن سعود، والخليفة عبدالملك بن مروان، والمؤسس الملك عبدالعزيز)، أما أخواتي البنات فقد ارتبطت حياتهن الدراسية بالأرقام الصامتة الجامدة التي لا توحي بشيء، وكم أتمنى ألا تلحق بهن إيمان!

ALSHAHRANI_1400@