5 دول تشتعل بمعارك إيرانية

الاثنين - 19 أغسطس 2019

Mon - 19 Aug 2019

لماذا تفشل طهران دائما في الحروب التي تخوضها بشكل مباشر؟

ما الذي يدفعها إلى أن تهرب إلى المواجهات غير المباشرة، وأن يحتمي نظامها الإرهابي خلف ميليشيات وعصابات مسلحة؟

لماذا تبرع دائما في تصعيد النزاعات إلى أعلى درجاتها واستفزاز الجميع، في حين تفضل الانتقام في الظلام وبعيدا عن العيون؟

ما الذي يمكن تمييزه كخصائص صنع القرار في إيران باستخدام القوة التقليدية؟

عشرات الأسئلة تظهر على السطح عند مراقبة مراكز الأبحاث الأمريكية والأوربية للوضع الإيراني، حيث تكشف مجلة فورين أفيرز أن إيران التي خاضت 3 حروب تقليدية، وتشعل الصراع الآن في 5 دول، تدفع الميليشيات المسلحة بها لخوض حرب ضروسة نيابة عنها، في حين تخرج تصريحاتها الدبلوماسية في بعض الأحيان هادئة، بل وتؤكد أنها ترفض الحرب ولا تعدها خيارها الاستراتيجي.

المواجهات غير المباشرة

كانت الحملات بالوكالة أكثر أنواع الصراع شيوعا في إيران منذ 1979، وظهر تفضيل طهران للحرب غير التقليدية بدلا من الحرب التقليدية، وذلك بسبب افتقار طهران للبراعة العسكرية التقليدية، إضافة إلى حاجتها إلى تقليل خطر التصعيد مع القوى الإقليمية أو العالمية، وكانت أبرز هذه المواجهات هي الحرب بالوكالة في:

اليمن

أحد وكلاء إيران الأكثر نشاطا في الساحة أخيرا هم الميليشيات الحوثية الإرهابية التي تتلقى الدعم من إيران، وتدريبات عسكرية من حزب الله.

كانت إيران الدولة الوحيدة التي اعترفت بانقلاب الحوثيين الذي نفذ بمساعدة قوات علي عبدالله صالح، ولا تعترف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وعينت أخيرا سفيرا لهم لديها.

وبحسب مجلة فورين أفيرز، تتهم السلطات اليمنية بشكل متكرر إيران بتوفير التمويل والأسلحة للحوثيين المتمردين، ونشرت إيران الغواصات والسفن الحربية قبالة ساحل اليمن، وفي خليج عدن والبحر الأحمر، بدعوى مكافحة القرصنة، ولكن تدخلها أصبح تهديدا على أمن المنطقة وأدى إلى كثرة النزاعات وزيادة الضحايا.

لبنان

كان قرار إيران بشن أول حرب غير تقليدية، ومشاركة الحرس الثوري الإيراني في الحرب الأهلية اللبنانية، والتي أدت إلى إنشاء حزب الله اللبناني، ففي 6 يونيو 1982، توجه وفد مؤلف من وزير الدفاع الإيراني وقائد الحرس الثوري الإيراني وقائد فرقة الجيش الإيراني إلى سوريا للقاء الرئيس السوري حافظ الأسد، وذلك بحسب مجلة فورين أفيرز.

*أرسلت إيران نحو 1500 ضابط من الحرس الثوري الإيراني إلى لبنان لمعاونة حزب الله اللبناني.

البوسنة

جاء قرار الحرس الثوري الإيراني بشن حملة غير تقليدية في البوسنة خلال التسعينات بعد اندلاع أعمال العنف في 1991، تعرض المقاتلون المسلمون البوسنيون لهجمات من القوات شبه العسكرية المدعومة من الصرب والكروات، أتيحت لإيران فرصة أخرى لإظهار إرادتها في الدفاع عن الإسلام.

* بحسب ورقة بحثية بعنوان «الاقتصاد السياسي السري للحرب والسلام في البوسنة» خلال منتصف التسعينات، شحنت إيران نحو 14000 طن من الأسلحة للوحدات المسلمة البوسنية، والتي تتراوح قيمتها بين 150 و250 مليون دولار.

* أفاد مسؤولون عسكريون أمريكيون بوجود نحو 200 من قوات الحرس الثوري الإيراني في البوسنة في أوائل عام 1996، وربما أكثر من 200 في عام 1997.

* وذكرت شركة توككلرفيلد للاستخبارات والتحقيقات الألمانية أنه على الرغم من وجود بعض المؤشرات على أن أفراد الحرس الثوري الإيراني كانوا يعملون كوحدات مستقلة، فإن المهمة الأساسية للقوات الإيرانية كانت تدريب القوات البوسنية وتجهيزها وتقديم المشورة لها، كما أعطى الوجود الإيراني في البوسنة الحرس الثوري الإيراني ووكلاءه مثل حزب الله اللبناني قاعدة محتملة لعمليات سرية أو سرية في المستقبل في أوروبا.

العراق

وقعت أهم حروب إيران غير التقليدية على مدى السنوات الـ 35 الماضية في العراق وسوريا، وكانت ردا على التهديدات المتصورة التي عرضت النظام الإيراني للخطر.

خلال الحرب الإيرانية العراقية، فشلت الحملات الهجومية الإيرانية الجديدة ضد العراق بعد وقف إطلاق النار المقترح في 1982 فتحول الحرس الثوري الإيراني إلى تجنيد أو حتى إجبار الشيعة العراقيين في معسكرات أسرى الحرب والمعارضين الشرعيين للثورة ليصبحوا مقاتلي حرب العصابات.

وبحسب مركز مكافحة الإرهاب كان كثيرون في المعسكرات المنشقة أعضاء في القوات العراقية، وفي فبراير 1983، بدأ ضباط الحرس الثوري الإيراني بتنظيم هذه الجماعات المتباينة والمقاتلين فيما أصبح في نهاية المطاف فيلق بدر، ووضعهم تحت قيادة قائد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله محمد باقر الحكيم.

بلغ عدد هذه القوات غير النظامية في البداية نحو 500 فرد، واستمر الحرس الثوري الإيراني في تجنيد أو إكراه أسرى الحرب والمعارضين خلال الفترة المتبقية من الحرب العراقية الإيرانية، مما أدى إلى زيادة عدد أفراد السلك إلى 6000 شخص في أربعة أقسام وكتيبتين ووحدات أخرى.

سوريا

في حين أن التدخل الإيراني الأصلي في 1982 والتحالف مع سوريا كان مدفوعا بالأساس بالفرصة، إلا أن الحفاظ على وكيلها الأكثر أهمية الناتج عن تلك الحرب هو حزب الله اللبناني والبنية التحتية والغطاء السياسي الذي قدمته لها دمشق.

وذكر تقرير صادر عن مركز التهديدات الحرجة التابع لمعهد المشاريع الأمريكية، نشر الحرس الثوري الإيراني مستشارين لدمشق بحلول مايو 2011 لمساعدة النظام على قمع الاحتجاجات، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، صعدت إيران حملتها في سوريا، حيث فشلت جهود الأسد لاستعادة السيطرة على بلاده.

ومع ذلك، عندما تدخل مقاتلو حزب الله اللبناني وحتى الطائرات الروسية في سوريا، سعى الحرس الثوري الإيراني للحفاظ على مشاركته تحت عتبة وحداته التي تشتبك في قتال مباشر.

لماذا فعلت إيران هذا؟ أحد العوامل المحتملة هو تفضيل إيران المعتاد أن يكون لها وكلاء وشركاء يقومون بالقتال من أجل ذلك كلما أمكن ذلك، وهذا يقلل من المخاطر ويتجنب التصعيد المحتمل مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية وتركيا والجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة.

الانترنت الإيراني

وجدت إيران فائدة كبيرة في القيام بأنشطة الكترونية مختلفة لتعزيز أجندة الأمن القومي وتمكينها من الاستجابة للأزمات الوجودية المتصورة، وعلى الرغم من أن بعض القراصنة ألقي القبض عليهم منسوبين إلى إيران إلا أن هذا لم يردع إيران عن الهجمات الالكترونية، على سبيل المثال الهجمات على المؤسسات المصرفية الأمريكية عام 2012 التي أعلنت عنها وزارة العدل الأمريكية، قد وجهت تهم إلى سبعة متسللين مرتبطين بالحكومة الإيرانية فيها.

وذكر موقع عالم الكمبيوتر أن أحد جهود إيران مراقبة شعبها بطريقة مكثفة، حيث قدرت شركة الأمن الهولندي Fox-IT أنه بسبب سرقتي كومودو وديج نوتار، تعرض أكثر من 300 ألف مواطن إيراني للتجسس امن قبل وسيط من قبل الحكومة الإيرانية.

ويمكن اعتبار هذا الجهد الضخم للتجسس اعترافا من الحكومة الإيرانية بأن التصدي للتهديدات التكنولوجية الحديثة للنظام يتطلب استثمارا كبيرا في القدرات السيبرانية الدفاعية والهجومية.

المواجهات المباشرة

الحرب العراقية الإيرانية

كانت طهران على أهبة الاستعداد خلال المرحلة الأولى من الحرب الإيرانية العراقية، من 1980 إلى 1982، ولم يكن أمامها خيار سوى محاولة الدفاع عن الدولة واستعادة الأراضي التي فقدتها أمام القوات العراقية، فبمجرد تحقيق هذه الأهداف في معظمها بحلول صيف 1982، واجهت القيادة الإيرانية معضلة حينها، سواء قبول الشروط العامة لوقف إطلاق النار الذي اقترحته الأمم المتحدة أو مواصلة القتال.

ودار جدل حول القرار، حيث ادعى أحمد الخميني، نجل المرشد الأعلى آنذاك روح الله الخميني، في مقابلة أن البعض في النظام قد طالبوا بالتسوية، وأن علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان رئيسا للمجلس الأعلى للدفاع، والقائد العسكري العام الفعلي، قاد المعسكر لصالح استمرار الحرب.

رفض للحرب والإنكار

حمل أرشيف الأمن القومي الأمريكي تصريحا أشبه بالصدمة في مقابلة أجريت عام 2008، حيث رفض رفسنجاني خلالها رواية أحمد الخميني للأحداث، مدعيا أن القادة العسكريين، مثل محسن رضائي وسياد شي الرازي، وأعضاء المجلس الأعلى للدفاع، مثل علي خامنئي وموسوي أردبيلي ومير حسين موسوي، وأحمد الخميني، قرروا جماعيا أنه في حين أن القوى العالمية لن تسمح لإيران بالفوز في الحرب، كان من المفيد الاستيلاء على الأراضي الاستراتيجية لفرض صفقة أفضل مع العراق.

ويلقي كتاب «الثورة غير المتوقعة في إيران» المطبوع عبر جامعة هارفارد بعض العوامل التي حفزت النظام الإيراني على استمرار الحرب وقتها:

* كانت حرب العراق في يوليو 1980 بمثابة آليات لحشد العناصر الأكثر تطرفا حول الخميني لتطهير تلك العناصر التي لا تتوافق تماما مع سياساته، أدرك رفسنجاني والخميني أن استمرار الحرب يمكن أن يعزز هذه العملية ويوطد سلطته حول مجموعة أساسية من النخب الدينية والعسكرية والسياسية الموالية للمرشد الأعلى.

* على الرغم من أن الجيش الإيراني استعاد السيطرة على معظم الأراضي المفقودة، فإن بعض قوات صدام ظلت على الأراضي الإيرانية، وخشي رفسنجاني من أن التسوية السلمية مع التصرف الحالي للقوات ستجعل إيران عرضة لمواصلة السلوك القسري أو تجدد القتال من بغداد.

* الطموحات الأيديولوجية للمرشد الأعلى، حيث كان الخميني يرى احتمال سقوط نظام صدام حسين في أيدي القوى الثورية الإيرانية، ويأمل في أن يؤدي استمرار الحملة في العراق إلى حكومات عربية جديدة على غرار النظام السياسي الإيراني.

حرب السفن مع أمريكا

كشفت ورقة بحثية عن الحرب الأمريكية الإيرانية أن انخراط الجمهورية الإيرانية مع الولايات المتحدة، أثناء حرب السفن كان نقطة انعطاف في عملية صنع القرار بشأن استخدام إيران للقوة، فقبل 1987 امتنع الحرس الثوري الإيراني عن مهاجمة السفن الأمريكية بشكل مباشر، بدلا من ذلك استهدف سفن دول الجوار وغيرها من السفن التي كانت تدعم نظام صدام.

وبعد أن قررت الولايات المتحدة الدخول في النزاع بشكل مباشر في يوليو 1987، حيث تم تلوين 11 سفينة كويتية بألوان الولايات المتحدة وتعهدت بحماية ناقلات النفط في مضيق هرمز كانت إيران تواجه قرار ما إذا كانت ستهاجم وكيفية مهاجمة هذه السفن.

حينها ركز الحرس الثوري الإيراني بدلا من ذلك على حملة لزرع الألغام في مضيق هرمز والخليج العربي تستهدف الشحن المتحالف مع العراقيين، بما في ذلك السفن التي أعيدت تسميتها من قبل الولايات المتحدة، ويمكن اعتبار حملة الحرس الثوري الإيراني هذه أول قرار لإيران باستخدام القوة التقليدية ضد الولايات المتحدة.

أفغانستان في 1998

أدى صعود الجماعة الإسلامية المتطرفة في أفغانستان في منتصف التسعينات إلى دفع الإيرانيين لدعم التحالف الشمالي، أقوى منافس لطالبان.

وبحسب سي إن إن، عندما هددت حركة طالبان سكان شرق إيران عام 1996، صوت لصالح غزو عاصمة هرات الغربية الأفغانية، ولكن إيران ألغت القرار بعد أن خفت حدة تهديد حركة طالبان عبر الحدود الإيرانية. ثم في أغسطس 1998 قتلت طالبان 9 دبلوماسيين إيرانيين عندما اجتاحت المجموعة عاصمة التحالف الشمالي مزار الشريف، وشعرت حينها القيادة الإيرانية بالغضب والقلق من أن حركة طالبان ستتصاعد أكثر، وقررت خوض الحرب.

نظام الملالي يهرب من المواجهات المباشرة ويحتمي خلف عصابات وميليشيات

300 ألف إيراني يتعرضون للتجسس من قبل حكومتهم

التدخل العلني في اليمن أدى إلى توسيع النزاع وزيادة الضحايا

7 قراصنة متسللين وراء الهجمات الالكترونية المصرفية

أرشيف الأمن القومي يحمل خلافا مثيرا بين رفسنجاني والخميني

الأكثر قراءة