محمد أحمد بابا

الله يعرفنا

السبت - 10 أغسطس 2019

Sat - 10 Aug 2019

أليس ربي يقول: (ادعوني أستجب لكم) ويقول: (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)!

قلت لنفسي: من حب ربي لدعاء عباده ربما أحب من كل شخص أن يدعوه كيفما شاء، باختلاف اللغات والحروف والتعبيرات والكلمات.

وجدت أنه يغلب على الظن بأن كلام الإنسان مع ربه حين يكون من بنات فكره وإبداع لسانه وعلمه وثقافته أجدى محبة عند الله تعالى صدقا وقبولا.

نحن نحاول الإبداع في كل شيء نثرا وشعرا وقصصا، ونخرج من أفواهنا من الكلام ما نحب أن يثني علينا الناس به، والله جل وعلا أولى بذلك من غير حاجة تنزه وتقدس، بل نحن الضعفاء المساكين المحتاجون لرحمة ربنا.

ورد عنه صلى الله عليه وسلم ثناء على أدعية وأذكار سمعها من بعض صحابته، دون أن يكون هو من علمهم إياها، وما ذلك إلا سائقنا للقول: إن الاجتهاد في الدعاء بالجديد ليس من المحظور البدعي في شيء، بل هو مناط التعبد.

ومع ذلك هناك ثقل كبير لما ورد في القرآن العظيم والسنة النبوية الصحيحة من أدعية لا شك بأنها تنزيل من حكيم حميد، هي خير الكلام من رب العباد، وهي جوامع الكلم من الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.

لكن المقصد نكهة ومتعة وخاصية الحديث مع رب العالمين في دعاء خاص وشيء خاص بينك وبين من هو أقرب لك من حبل الوريد وأرحم بك من أمك التي حملت بك، وكم أتذكر الصغار في زمن مضى حين ترسخت الجنة في أذهانهم جزاء موفورا، إذا طلبوا أو ترجوا قالوا لأبيهم أو أمهم (الله يدخلك الجنة) نريد كذا وكذا.

والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ذكر ودعاء، وهي من ذلك النبع، فهي إذن باجتهاد البلغاء والفصحاء والأدباء صلوات استحقها مقامه العظيم صلى الله عليه وسلم طالما التزمت شرعا.

فلماذا إذن نجد كثيرين في مواسم الطاعات كهذه الأيام الفاضلة تبرعوا «لنهر الناس عن أدعية بعينها» وتكرار كلمة «هذا لم يرد» أو «هذا لم نجد له أصلا» والإبداع في الدعاء مطلوب؟

لكنني مرتاح ومطمئن لأن أقول لربي كلاما يعنيني، وأسعد وأنا أحبر كلامي لربي تحبيرا، وأبذل كل جهد وفكر في تنميق الكلام له جل وعلا وتجويده وتجميله، فالله تعالى صاحب التنزيه والقدسية وأنا عبده وهو ربي.

يا ربنا الذي جملتنا بلسان عربي مبين، هب لنا من جمال رحمتك ما يجعلنا على الحق المبين، وازرع في قلوبنا من وهج محبتك ذات السر في القرآن المبين، واجعل العيد اكتمال نعمتك وتمام عافيتك علينا وعلى العالم أجمع.

فادعوا الله كما تتخيرون، فالله بالغ أمره، وقولوا للناس حسنا، وإذا أكثروا عليكم في هذه الأيام قولوا لهم: كل امرئ بما كسب رهين. وكل عام وأنتم بخير.

albabamohamad@