أيمن التميمي

الناقمون على السعودية.. وازدواجية المعايير!

السبت - 03 أغسطس 2019

Sat - 03 Aug 2019

أتساءل أحيانا لماذا يحاول بعض العرب تشويه صورة المملكة العربية السعودية ومحاولة تحميلها مشاكلهم أو فشلهم، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي؟ وقبل أن أشرع في الحديث عن هذا الموضوع، لا بد من ذكر حقيقة جلية، وهي المحبة الكبيرة المتبادلة بيننا وبين كثير من الإخوة العرب والمسلمين، ولله الحمد، هذه المحبة يتوجها العمل والتعاون المشترك في جميع المجالات. ولكن هذا المقال موجه لمن يقحم اسم المملكة دائما في كل صغيرة وكبيرة من مشاكل العالم العربي والإسلامي.

الناقمون على المملكة يتعامون عن كل الدول العربية والإسلامية ويركزون على المملكة، بحجة أنها مهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين. هذا ما يرددونه بألسنتهم، لكن ما تخفي قلوبهم مختلف تماما، ومع هذا لن نتوقف كثيرا للحديث عن النيات ولنتركها لرب العباد.

هؤلاء الناقمون على المملكة يتهمونها بالتفريط بالقدس والمسجد الأقصى، وكأن السعودية هي من قامت بتسليم المسجد الأقصى لليهود وبيع أراضي الفلسطينيين للإسرائيليين وجلبت يهود العالم ليعيشوا في فلسطين!

موقف المملكة منذ قيامها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز حتى يومنا هذا - عهد الملك سلمان - واضح وصريح في دعم فلسطين وأهلها حتى ينالوا حقهم المشروع الذي سلب منهم، سواء في استعادة أراضيهم أو عودة اللاجئين لوطنهم، فقضية فلسطين هي قضية إسلامية لن تتخلى عنها المملكة كما أعلنت عن ذلك في كل مناسبة عربية أو دولية.

والقرارات الملكية في هذا الشأن أكثر من أن تحصى وجهود المملكة في نصرة القضية الفلسطينية داخل أروقة المنظمات الدولية المختلفة تشهد على ذلك. وكل ذلك مدون ومكتوب بأياد غير سعودية شهدت هذا الدعم اللا محدود.

هذا على الصعيد السياسي، أما على الصعيد الاقتصادي فالمملكة وشعبها أكبر داعم مالي للفلسطينيين في العالم، وهذا الدعم لا يشمل فقط المال المقدم للسلطة الفلسطينية، بل حتى المقدم إلى المنظمات الإنسانية التي تعمل داخل الضفة الغربية وغزة كالأونوروا.

وليراجع من أراد منهم قوائم الداعمين التي تصدر عن الأمم المتحدة لمعرفة حجم الدعم السعودي للإخوة في فلسطين، كذلك استقبلت المملكة الإخوة الفلسطينيين منذ أن بدأت أزمتهم ولم تضع لهم مخيمات كما فعلت معهم بعض الدول، بل أعطتهم حرية التنقل والسكن والعمل داخل مدن المملكة المختلفة، وأعطتهم معاملة خاصة لم تعط لغيرهم، وذلك نظير الظروف التي يمرون بها. كل ما سبق لم يورد من باب المنة، ولكن من باب عرض الحقائق على هؤلاء الناقمين لكي يعلموا حجم الدعم السعودي للقضية الفلسطينية وشعبها على كل الأصعدة.

يتحدث هؤلاء عن الحرب الدائرة في اليمن، وأن السعودية سبب في الاقتتال بين اليمنيين!

ولمثل هؤلاء نقول بأن السعودية كانت وما زالت عامل استقرار في اليمن، وأنها أكبر الداعمين لاستقرار الشعب اليمني، فالإخوة اليمنيون تربطنا بهم عوامل مشتركة عديدة وهم أكبر جنسيه عربية تعيش بيننا اليوم.

التحالف العربي لم يتدخل في اليمن إلا بعد طلب رسمي من رئيسه الشرعي لدحر تسلط ميليشيات الحوثي على البلد ومقدراته، هذه الميليشيات التي تتآمر مع طهران على اليمن وجيرانه. الشعب اليمني الذي لا يمثل الحوثي فيه إلا أقل من 10% من عدد سكانه هو صاحب القرار فيمن يحكمه، وليس الحوثي الذي يطمع بل يعمل على الاستفراد باليمن، مثلما يحاول شقيقه حزب الله في السيطرة على لبنان.

هذه الميليشيات تعمل في المنطقة كأذرع لنظام الملالي في طهران وتساعد في بسط نفوذهم في المنطقة. ما يفعله الحوثي اليوم في اليمن من لجم كل المكونات السياسية واضطهادها بدعم من طهران لن يؤدي إلا إلى شلل اليمن وتأخر نمو اقتصاده وازدهاره، وتحوله إلى بلد يرزح تحت استعمار ملالي إيران الذين يتمنون ويسيل لعابهم لموطئ قدم لهم في الجزيرة العربية، ومنفذ على السعودية والحرمين، وهذا جل ما يريدون ويحلمون به ويرددونه في كلماتهم الرنانة لشعبهم، وهو الوعد بالوصول لمكة والمدينة.

مثل هؤلاء الناقمين لا يريدون أن يذكروا أن المملكة تدعم كل المناطق اليمنية المحررة من الحوثي بالمساعدات المالية والغذائية والطبية، وتبني المستشفيات والمدارس والجامعات، وتوفر لأبناء اليمن بعثات تعليمية على حسابها في الجامعات السعودية، وتنقل المرضى الذين لا تستوعبهم مستشفيات اليمن إلى المملكة للعلاج.

لماذا لا يتحدثون عن هذه المساعدات التي تقدر بمليارات الدولارات سنويا؟ هذا كله لا يعنيهم لأنه يصب في رفع سمعة المملكة وهذا ما لا يريدون! نجدهم ينشطون فقط في التركيز على خسائر ميليشيات الحوثي وإظهارها كأنها خسائر في صفوف المدنيين اليمنيين!

المضحك في هذا الموضوع أن قطر والإخوان عندما كانوا مشاركين في التحالف العربي لتخليص اليمن من الحوثي كانوا يسمون العمليات هناك بـ «إعادة الشرعية لليمن» وبعد مقاطعة قطر وطلب التحالف العربي من قطر مغادرة أراضي العمليات أصبحوا يطلقون على تحالف دعم الشرعية «العداون على اليمن». فكيف تحول هذا التحالف في عيون قطر وقناة الجزيرة وملحقاتها والإخوان - في غضون أيام معدودة - من تحالف لدعم الشرعية إلى عدوان على اليمن؟! أترك لك عزيزي القارئ الإجابة.

يتحدث هؤلاء أيضا عن تدخل السعودية في مصر ودورها في دعم طرف على حساب طرف آخر!

ما قامت به السعودية في مصر هو دعم إرادة الشعب المصري، هذا الشعب الذي ثار على حكم الإخوان. السعودية لو لم تدعم إرادة الشعب المصري ضد الإخوان لكان حال مصر اليوم مثل حال سوريا وليبيا، حيث الحرب والدمار كانا سيصبحان مآل هذا البلد الكريم. فكيف سيصبح حال العالم العربي إن تمزقت أجزاء أم الدنيا وعمها الدمار والخراب، أليس فيكم رجل رشيد!

جماعة الإخوان التي أهم أهدافها حكم العالم الإسلامي - بأي طريقة وبأي حال وبأي ثمن - لن تقف عند حكم مصر، وسيمتد تأثيرها على الدول المجاورة لها وستكون تهديدا واضحا لأمن واستقرار دول الخليج. فهذه الجماعة ستحرك أعوانها وخلاياها في الدول المجاورة لمصر، وسينتج عن ذلك نزاعات واضطرابات في المنطقة لا نهاية لها، وما حدث في الكويت عام 2014 خير شاهد على ذلك، إذ لعبت فيها قناة الجزيرة القطرية دول البطل في تأجيج تلك المظاهرات ومحاولة تأليب الشارع الكويتي على الحكومة والحكام.

يتحدث الناقمون عن مقاطعة السعودية وبعض الدول العربية لقطر!

ولمثل هؤلاء نقول بأن قطر ومنذ 1996 تسعى بشكل واضح لزعزعة أمن الخليج والدول العربية، وذلك بتحريض شعوب هذه الدول على حكامها، وقناة الجزيرة بين كل فينة وأخرى تبث تقارير وتنشر أخبارا كيدية عن دول الخليج، خاصة السعودية، وتتجنب الحديث عن مشاكل قطر الداخلية، وكأن الوضع في قطر أشبه بجنة عدن!

ضمت الجزيرة - وهي القائم بأعمال وزارة الخارجية القطرية - منذ تأسيسها؛ المذيعين العرب المقيمين في الدول الأوروبية خصوصا، والعاملين في شبكات الإذاعة والتلفزة العالمية كإذاعة البي بي سي البريطانية وصرفت عليهم ملايين الريالات وأعطتهم الرواتب الفلكية، وذلك بغية تلميع اسم قطر والنظام القطري، فهم الآن من يتحدث بالنيابة عن قطر والدفاع عنها، ولا ندري في المستقبل إن تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال ماذا عساهم فاعلين! وإلى أين ستتجه بوصلة مديحهم؟! هؤلاء المذيعون والمدافعون عن قطر لا ينظرون للأمور إلا بعين واحدة، وهي عين التحريض على السعودية، فكل المواضيع التي يتهمون السعودية بها تفعلها قطر واقعا وحقيقة وأكثر من ذلك، ولكن هي عين الضغينة التي لا يرى فيها الحاقد إلا ما يريد!

وما زيارة أمير قطر قبل أسابيع للولايات المتحدة إلا خير شاهد على ازدواجية المعايير عند هؤلاء، حيث لم تترجم قناة الجزيرة ما قاله الرئيس الأمريكي عندما ذكر أن قطر هي من دفعت لتطوير قاعدة أمريكية ومطار عسكري أمريكي بمبالغ تجاوزت 8 مليارات دولار، ولم يعقد مذيعو الجزيرة ولا مندوبوها والمتعاونون معهم وسماسرتهم في لندن وباريس حلقات تناقش كلام أمير قطر عندما كان يتحدث للرئيس الأمريكي بأنه شريك وحليف وصديق للولايات المتحدة، وأن قطر تحملت خسائر مالية كبيرة من أجل مساعدة الولايات المتحدة! تلك الزيارة التي عقدت فيها صفقات بمبالغ وصلت إلى نحو 185 مليار دولار لدولة بحجم قطر؟! في تلك الزيارة اختفى مصطلح «الحلب» من قواميس مذيعي الجزيرة وضيوفها والإخوان، وتم استبداله بعبارات مثل استثمار وشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة!

الناقمون الذين يتحدثون عن السعودية من تركيا وباريس ولندن والدوحة وبعض الدول العربية الأخرى دائما ما يرددون بسخرية أن النفط هو سبب احترام العالم للسعودية، وكأن قطر أو إيران تصنعان وتصدران للعالم طائرات بوينج وايرباص. نقول لهم إن النفط إحدى أدوات القوة التي وهبها الله للسعوديين، لكي يكون لهم هذا التأثير العالمي، ورغم أنه عامل قوة إلا أن المملكة تسير في رؤيتها لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. ومثل هؤلاء نسألهم: لماذا لا تسخرون من العراق والجزائر وفنزويلا التي يشكل النفط لها أهم مصدر دخل قومي؟ أو لماذا لا تنظرون حتى لشريفتكم إيران التي يمثل النفط لها الشريان الرئيس للاقتصاد؟!

خلاصة القول أن بعض الحكام والأحزاب والجماعات في العالمين العربي والإسلامي، سواء السياسية أو القومية أو الدينية والتي ترفع شعار العنتريات والبطولات الوهمية والزائفة، والذين لم تتماشى المملكة العربية السعودية مع توجهاتهم ومخططاتهم أو لم يحصلوا على دعم مالي منها؛ لا ينفكون عن الحديث عن المملكة والطعن فيها ومحاولة تشويه صورتها، وكأنها أساس بلاوي المنطقة، ويقومون بنشر هذا الكلام وتلقينه لأتباعهم وحتى لأطفالهم، لكي يرددوه بلا وعي ولا إدراك لواقع الأمور، فهم يعملون بمبدأ أعطني أو اتبعني أو أيدني وإلا الويل والثبور لك.

هؤلاء أنفسهم لو حصلوا على تأييد أو دعم من دول تسعى بشكل واضح لتفكيك المنطقة وزعزعتها مثل إيران لطاروا بها ووصفوها بأوصاف كـ «شريفة» مثلا، هذا الوصف الذي أضحك العالمين الغربي والشرقي قبل أن يضحك العالمين العربي والإسلامي.

أيادي المملكة المحبة للسلام والمعطاءة للخير كانت وما زالت وستبقى ممتدة دائما لإخوتها وأشقائها العرب والمسلمين، والحقائق خير شاهد على ذلك، فهم يعيشون بيننا ويعملون معنا بكل ود ومحبة، ولهم منا كل التقدير والاحترام، ولن يلتفت هذا الوطن للمبغضين والحاسدين الذين يسعون إلى عرقلة طريقه نحو النجاح والازدهار.

@aiman_altamimi