شاكر أبوطالب

محتوى الصحف خارج نطاق الحماية!

الاحد - 28 يوليو 2019

Sun - 28 Jul 2019

تتلخص الغاية من حماية حق المؤلف في المحافظة على المصالح الاجتماعية، وتحقيق العدالة والاستقرار في المجتمع، وضبط السلوك لضمان المصالح المشروعة للفرد، ومن ذلك المحافظة على حقوق المؤلف من كل الأفعال غير المشروعة التي تتسبب في حدوث أضرار نفسية ومادية، وتحارب الإبداع والابتكار.

وتعد حماية حق النشر في الصحف من الموضوعات المثيرة للجدل، والعديد من الصحف لا تتخذ أي إجراءات بخصوص كل ما يتعلق بحقوق التأليف لمحتواها الصحفي وحقوق مؤلفيه، خاصة للمشاركين في صناعة محتوى الصحف من الصحفيين والكتّاب، الذين يكرسون نشاطه‍م الإبداعي لصالح الصحيفة.

وعند قراءة نظام حماية حقوق المؤلف في السعودية، نجد أنه لم يشر إلى الصحافة أو الصحف بصيغة صريحة في المصنفات المذكورة الخاضعة للحماية، فلم يورد إلا مصنف المواد المكتوبة، ولكن الصحيفة تختلف عن الكتاب أو أي مطبوع آخر. فالمادة الأولى الخاصة بالتعريفات عددت ستة أنواع من المصنفات المشمولة بالحماية، ولم يتضمن أي منها المصنف الصحفي! بل ذهبت المادة نفسها إلى تعريف المقصود بمصطلح (الإذاعة)، بأنها بث مصنف أو أداء أو تسجيل صوتي (المحتوى الإذاعي) أو بصري (المحتوى التلفزيوني) للجمهور بأي وسيلة ناقلة لكي يستقبلها الجمهور.

وذكرت المادة الثانية المصنفات الأصلية المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم، والمتمتعة بالحماية؛ وضربت أمثلة عديدة ومتنوعة، أبرزها المواد المكتوبة، كالكتب والكتيبات، ولم تتم الإشارة إلى الصحف والمجلات، رغم ذكر مصنفات أخرى شفهية، وإذاعية، وسمعية، وسمعية بصرية، وأعمال الرسم والفن التشكيلي والعمارة والزخرفة، والتصوير الفوتوجرافي، وبرمجيات الحاسب الآلي، وغيرها من المصنفات والأعمال التي ليس من ضمنها الأعمال الصحفية! بل نصت المادة الرابعة من النظام على المصنفات المستثناة من الحماية، وجاء فيها أنه لا تشمل الحماية المقررة بمقتضى هذا النظام؛ ما تنشره الصحف، والمجلات، والنشرات الدورية!

وفي الفصل الرابع الخاص بالاستخدام النظامي، ذكرت المادة الخامسة وعنوانها «استثناءات» أوجه الاستخدام المشروعة للمصنف المحمي دون الحصول على موافقة أصحاب حقوق المؤلف؛ ومن ذلك «الخلاصة الصحفية» المنقولة من الصحف، بشرط أن يكون الاستشهاد للمصنف متمشيا مع العرف، وبالقدر الذي يسوغه الهدف المنشود، وأن يذكر المصدر واسم المؤلف في المصنف الذي يرد فيه الاستشهاد. وكذلك من أوجه الاستخدام المشروع والمستثنى من حماية النظام نقل أو نسخ المقالات المنشورة في الصحف، بشرط ذكر المصدر بوضوح، واسم المؤلف إن وجد!

وكان العدل من النظام ولائحته التنفيذية أن توفر الحماية القانونية للمحتوى الصحفي باعتباره مصنفا إبداعيا له مؤلف أو مجموعة مؤلفين، بذل فيه المحرر أو الصحفي أو الكاتب الجهد والوقت والمال لصناعته، وله ناشر وهي الصحيفة، أنفقت أيضا الجهد والوقت والمال في صناعة ونشر وتوزيع المحتوى الصحفي الخاص بها، وكذلك الخاص بالمؤلفين الذين أبرموا عقودا مع الصحيفة لصناعة محتوى صحفي خاص لنشره في الصحيفة.

ومع خطة التحول الرقمي التي شرعت وزارة الإعلام في تنفيذها، من المهم إعادة النظر بحقوق التأليف في الصحافة، لحماية محتواها من السرقة في الفضاء الرقمي.

لذا آمل من وزارة الإعلام السعي لإضافة المحتوى الصحفي كأحد المصنفات المحمية في نظام حماية حقوق المؤلف، وتنفيذ حملة وطنية تثقيفية بهذه الحقوق، وما للمؤلف من الحقوق وما عليه من واجبات، ورفع الوعي بحماية الحقوق باللجوء للقضاء في حال التعدي عليها.