طارق جابر

كيف تختار طبيبك؟ الكل يكذب في الانترنت!

الخميس - 25 يوليو 2019

Thu - 25 Jul 2019

«الكل يكذب» عنوان كتاب للكاتب وعالم البيانات سيث ستيفنز داڤيدوتس. وخلاصته أن ما يبدو لك ظاهريا من قراءتك في الانترنت قد يكون في الغالب كذبا. كنا بدأنا الحديث عن كيف يختار الإنسان طبيبه؟ وبينا أن أحد عوامل الاختيار هو تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يعد يخفى على أحد دورها في التأثير على العوام، بل وفي غسل أدمغتهم، حتى إن بعض الشركات العملاقة حولت معظم ما تصرفه على وسائل الإعلان التلفزيوني والمقروء إلى الاستثمار في إيصال الرسائل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

الطب مهنة نبيلة لا تعادلها أي من المهن، إلا أنه صناعة مربحة، مما منح الجرأة للبعض من داخل وخارج المهنة للدفع بالأمور إلى مدى تقل فيه جرعة الحرفية وتزيد جرعة التجارة، والتجارة شطارة!

أخذ المعلومات الطبية والمعلومات حول الأطباء من وسائل التواصل له محاذير عدة، منها:

أولا: الجميع يفتي، والجميع يقدم النصائح، وكل من أجريت له عملية أصبح مرجعا في الطب حتى لو لم يكن يعرف اسم العملية الصحيح! وأحيانا أقرأ بعض ما يكتب الناس وأستغرب من جرأتهم في الخوض فيما لا يعلمون!

ثانيا: الغالبية الكبرى ممن يكتبون إما أنهم شخصيات وهمية أو أنهم يكتبون بأسماء غير صحيحة، مما يجعلهم دون أي مسؤولية أدبية أو قانونية، وبالتالي دون مصداقية، وهم غير ملزمين بأي تبرير أو تفسير.

ثالثا: قنوات التواصل الاجتماعي عالم افتراضي ضبابي، واللاعبون فيه كائنات خرافية. وبما أن الطب والمرض قد يشكلان مصدرا للمال فقد اقتحم المجال كثير من المنتفعين والسماسرة ووسطاء الخدمات الذين يستغلون حاجة الناس وتعلقهم بالأمل، بل وسذاجتهم، ليوجهوهم يمنة ويسرة، تارة بالترويج لأطباء معينين أو مراكز معينة، وتارة لتصديرهم للخارج، وكل ذلك من باب النصيحة الصادقة (لوجه الله)، ومن باب (الحرص على أموال الناس وبناء على تجارب أكيدة).

وهؤلاء يعملون بطريقة منظمة فيتغلغلون في كل منتدى وموقع بمعرفات عدة، ويقومون بتوجيه النقاش وبالتالي المرضى إلى الاتجاه الذي يرغبون. ومن المؤسف والأكيد أن بعض الأطباء (أكثرهم في السمنة ثم في التجميل، والجلدية وغيرهم) لا يعملون في فلك السماسرة وفاعلي الخير هؤلاء فحسب، بل لا يعملون بدونهم أيضا. وغني عن القول إن هذا النشاط غير أخلاقي وغير احترافي، حتى لو لم يكن ممنوعا قانونيا.

رابعا: لا توجد أي ضوابط لمراقبة وتدقيق عمل المنتديات والمواقع. وطالما أنها لا تنتهك المحرمات المعروفة فهامش الحرية لها كبير، بغض النظر عن مصداقيتها وأهدافها وحياديتها.

الخلاصة أنه إذا كان تحويل المريض إلى زبون هو الخطيئة الأولى، فإن تحويل هذا الزبون إلى سلعة لهو من أمهات الكبائر الطبية. وللحديث بقية.

drtjteam@