عبدالله المزهر

الإخوان الموسوسون..!

الثلاثاء - 09 يوليو 2019

Tue - 09 Jul 2019

بدا لي ـ والله أعلم ـ أنه يسيطر هذه الأيام على الخطاب «التويتري»، وشيء من الخطاب الإعلامي، فكرة أن المملكة العربية السعودية قد غيرت دينها، وأن أي حديث عن الدين أو الأخلاق يبدو حديثا معاديا لا يردده إلا الأعداء الذين يتربصون بالوطن. وهذا خطاب أقل ما يقال عنه إنه خطاب غبي.

وأحيانا تشعر وأنت تقرأ بعض التغريدات أنك بحاجة إلى سبورة وأقلام لكي تشرح لكاتبها أن المملكة العربية السعودية ليست بلدا مسلما فحسب، بل إنها قبلة المسلمين ومهبط الوحي، وهذان الأمران تحديدا لا يمكن أن يتغيرا حتى لو لم يبق على كوكب الأرض إلا مسلم واحد، ولا زال ـ وسيبقى ـ منقوشا على علمها الشامخ مفتاح الدخول إلى الإسلام، ويبدو أن الأمر قد التبس على البعض، وفهم أن توجه الدولة لتعزيز قيم الوسطية والاعتدال يعني اعتبار أي حديث عن الدين والأخلاق هو بالضرورة حديث متشدد متطرف ورجعي.

والإسلام هوية، وحين يتحدث المرء عن هويته ويعتز ويفاخر بها فإن هذا هو الوضع الطبيعي الذي يفترض أن يكونه الإنسان، وأظن أنه حتى في عالم الحيوانات لو أتيح لها أن تقول شيئا نفهمه لكان عن اعتزاز كل منها بهويته.

الأمر الآخر المثير للسخط هو الغباء الذي يجعل من قيم عليا مثل الدين والحرية وكراهية الظلم والفساد مرتبطة بجماعات بعينها، وكأنها هي من اخترعتها! فيجعل لتلك الجماعات قيمة هي لا تستحقها في الأساس، ويعلي من شأنها ظانا أنه يفعل العكس.

وأظن أن جماعة مثل الإخوان المسلمين لو دفعت أموالا لما حصلت على مثل هذه الدعاية المجانية من أناس يصفون كل مدافع عن قيمة عليا بأنه صاحب توجه إخواني. وهذه دعاية وترويج لم يحلم بهما الإخوان يوما ما، يمنحهم الأغبياء شرفا هم دونه بكثير حين يجيرون لهم قيما ومعاني لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ولكنها حق لكل الكائنات البشرية منذ استوطنت هذا الكوكب. ربما كان الإخوان أنفسهم هم من يهاجمون الناس ويتهمونهم بالأخونة حين يتحدثون عن الدين والحرية والكرامة والحياة، حتى يتم ربط هذه المعاني بجماعتهم في عقل المتلقي. وتبعهم من تبعهم إما عن إيمان أو عن «ثوارة».

مثل هذه الخطابات تجعل الإنسان يتحاشى حتى الافتخار بالأشياء الرائعة التي لا يمتلكها غيره، لأنه تم تشويهها من قبل من يستخدمها في غير محلها أو من يجعلها تهمة وهي ليست كذلك. تماما مثلما حدث مع «خاتم النبي» عليه الصلاة والسلام الذي أصبح اقتناؤه شبهة أقرب إلى الإدانة لأن داعش استخدمه شعارا له.

ومثل عبارة «بلاد الحرمين» التي أصبح بعضنا يتردد في استخدامها لأن «سافلا» في مكان ما يستخدمها تعريضا وتقليلا من اسم «المملكة العربية السعودية».

وعلى أي حال..

دافعوا عن أشيائكم التي تؤمنون بها وتحبونها، افخروا بأنكم سعوديون وفاخروا بأنكم من بلاد الحرمين، وأحبوا الحق والحرية واكرهوا الظلم. كونوا بشرا يُحِبون ويُحَبون ـ واحدة بكسر الحاء وأخرى بفتحها ـ ولا يضركم من شنع عليكم ووسوس لكم وعبث في عقولكم وأراد ـ إما بغباء أو بسوء نية ـ أن يخيفكم حتى من أنفسكم.. والسلام!

agrni@