أحمد الهلالي

نجم الإنسانية الفنان فايز المالكي!

الثلاثاء - 09 يوليو 2019

Tue - 09 Jul 2019

قبل سنوات كانت تدور أخبار عن الحراك الإنساني لفناني هوليوود ومشاهير الرياضة والأعمال، عبر وسائل الإعلام المختلفة عن حراكهم الإنساني وزياراتهم للمناطق الفقيرة في العالم، وتبرعاتهم للمحتاجين. كنت أتساءل أين مشاهيرنا وفنانونا عن هذا الميدان الشاسع من أعمال البر الإنسانية؟ فقد ترسخ في الذهنية الاجتماعية ارتباط العمل الخيري بشخصية رجل الدين ذي اللحية الكثة، سواء أكان إماما للمسجد أم قاضيا أم موظفا في جمعية خيرية وغيرها، لكن هذا التصور كسره الفنان المالكي، وغيره قليل من نجوم الفن والرياضة والإعلام.

الفنان السعودي فايز المالكي الذي عرفناه فنيا في شخصيات (أبو رنة / أبو شلاخ البرمائي/ مناحي) وغيرها، سطع على الساحة الفنية، ولم يكتف بنجوميته الفنية، بل تجاوزها إلى السطوع الإنساني، فدأب على تسخير شهرته ونجوميته لخدمة الإنسان داخل المملكة وخارجها، وأصبح من أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم العربي عام 2009، وسفيرا للنوايا الحسنة، اللقب الشرفي الذي تمنحه منظمة اليونيسيف للمشاهير المهتمين بالقضايا الإنسانية، وكرمه وزير الثقافة السعودي بجائزة الأكثر تأثيرا في جائزة الإعلام الجديد عام 2017.

فايز المالكي الرجل الوطني الذي تبنى قضايا الداخل السعودي والعربي، ونشط نشاطا كبيرا في أن يكون لسانا للمهمشين والفقراء والمحتاجين، وحرك همم رجال الأعمال والأثرياء نحو تفريج كربات المسجونين في قضايا مالية، وكانت جولاته على مستوى محافظات المملكة محفوفة بالنور الإنساني النقي، حتى أصبح أيقونة موثوقة في العمل الخيري، وسخر هذا الرجل حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الشأن، فحين دخلت حسابه المليوني على تويتر من أجل بعض المعلومات، وجدته اختار تعريف نفسه بعبارة (إنسان في خدمة الإنسان)، ووجدت كمّا كبيرا من التغريدات وإعادة التغريدات، كلها تصب في همّين يسكنان هذا الرجل (الهم الوطني/ الهم الإنساني).

حقيقة لا أعرف فائز، ولم ألتق به مطلقا إلا عبر الشاشة الفضية، ولا تواصل بيننا حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكني أكنّ احتراما كبيرا لهذا الرجل المضيء، وأتابع نشاطه باهتمام، فلم تشغله واجباته الفنية عن هموم مجتمعه، ولم تصرفه شهرته ولا مكتسباته عن هموم العامة والفقراء، فأقبل بابتسامته وحماسته ووطنيته ووضع كل ما لديه في سلة الاستثمار في محبة الناس، من خلال خدمته لهم، وتلمس حاجة كل الشرائح الاجتماعية، فوجدته حتى في المهرجانات التي يدعى إليها لا ينسى الفئات الاجتماعية، يتحدث عن (أبناء الشهداء/ وأصحاب الهمم) ويخاطب رجال الأعمال والموسرين، ويتلمس قضايا الشباب، ما يدل على الهم الذي يشغل باله باستمرار، ولا أظنه خافيا أن بذرة الخير في هذا الرجل بذرة أساسية ليست مصطنعة، نمّتها عائلته، فأخوه الشيخ علي المالكي من أكثر المشايخ سعيا في قضايا العفو عن المحكومين بالقصاص.

أما وطنيته فتتجلى في مواقفه المشهودة، فهو من أوائل المشاهير المهتمين بزيارة المرابطين على الحد الجنوبي، والمثابرين على دعمهم المعنوي والتنويه باحتياجاتهم، واحتياجات أسر الشهداء، ومن المنافحين عن سمعة الوطن إعلاميا، ولعل آخر مواقفه ما تحدث فيه عن سلوكات بعض مشاهير التواصل الاجتماعي الذين يروجون لمحتويات سلبية بقصد أو بغير قصد عن الوطن، وبعضهم ليس سعوديا أصلا، لكنه يتقمص الزي واللهجة ربما لغايات في نفسه.

هذه الشخصية المضيئة وغيرها من الشخصيات الوطنية التي نفاخر بها، تستحق التوقف عندها وتكريمها وتقديمها نماذج وطنية يقتدي بها شباب الوطن والعرب، وتقديمها أيضا نماذج إنسانية على مستوى العالم، نقاوم بضيائها ظلمات العصر المادي، فمهما بلغ الإنسان من شأو في الرفاه والتحضر، فلا قيمة لذلك دون الحس الإنساني، وهذا ما تعودناه من مواقف بلادنا المضيئة تجاه إنسان المعمورة دون النظر إلى عرقه أو عقيدته أو لغته.

ونحن أيضا بحاجة ماسة جدا إلى كثير من أمثال الفنان فايز المالكي (نجم الإنسانية) كما سماه الدكتور سعود المصيبيح، بحاجة إلى أمثاله من مشاهيرنا المؤثرين فنيا ورياضيا وإعلاميا، ليحملوا هموم البسطاء والمهمشين ويسعون في تفريج كرباتهم وتيسير حياتهم، فالخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة كما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.