عبدالله المزهر

النسوية، ما عليها وما عليها..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 01 يوليو 2019

Mon - 01 Jul 2019

قبل أن نبدأ في شتم النسوية من الإنصاف أن نحدد أولا ما هي هذه الحركة، وما هي أهدافها. ولذلك أقول مستعينا بالله إن النسوية أو الأنثوية أو «نظرية المساواة بين الجنسين» هي حركة مقومها الأساسي ودون كثير من التعقيدات واللف والدوران يعتمد على فكرة أن الله أو الطبيعة ـ أو أيا كان الخالق ـ لم يكن مصيبا حين خلق جنسين من الكائنات الحية، وأنه من المفترض أن يكون البشر أو الكائنات الحية عموما مكونة من جنس واحد فقط، والحركة قائمة على أساس تغيير هذا الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الخالق بحسب زعمهم.

ولذلك فإن من المعتقد الأكثر رسوخا لدى معاشر النسويين والنسويات أن الدين ـ أي دين ـ هو العائق أمام المساواة بين الجنسين والمصدر الرئيسي لاضطهاد وتحقير المرأة.

سواء قالوا ذلك صراحة أو من وراء حجب فإن المهمة الأساسية في المعتقد النسوي هي تغيير الدين بما أنه يبدو مستحيلا تغيير الخلق وتصحيح خطأ الخالق.

ولذلك فإن الإلحاد هو دين النسوية، والنسوي أو النسوية الذي ينتمي لدين سماوي ليس محل ثقة لدى «كهان» النسوية وفي إيمانه بها شك وسيظل في نظرهم من «المؤلفة قلوبهم» حتى يلحد فيصبح نسويا قلبه عامر بالإلحاد.

في الحياة الاجتماعية إن «المثلية الجنسية» ـ الاسم المخفف لكلمة أخرى ـ ليست النمط المفضل وحسب لدى النسوية، بل هو الوحيد الذي يتوافق مع أهداف الحركة، لأنه يلغي فكرة وجود الأب والأسرة والأمومة والحمل والإنجاب وبقية ما يشبهها من الأوضاع «الرجعية» التي ينظر إليها على أنها معوقات في طريق «المساواة».

واختصارا لكل ما سبق يمكن القول ـ دون تحفظ ـ إن الحركة النسوية حركة جامعة شاملة لكل الرذائل، ويمكن وصفها ـ دون تحفظ أيضا ـ بأنها العقل البشري في أحط صوره.

والغريب ـ ليس كثيرا ـ أن من ضمن أهداف النسوية العالمية المعلنة مقاومة «تشييء» المرأة، أي جعلها شيئا أو سلعة، ولكن الملاحظ في الفكر النسوي حاليا هو الاستماتة من أجل حق المرأة في أن تصبح سلعة.

ولاعتبارات تنظيمية وتكتيكية فقد كان يبدو من الصعب في بعض الأماكن على هذا الكوكب الاعتراف علنا بالأهداف الحقيقية للحركة، ولذلك فإن مدخل «حقوق المرأة» كان مدخلا مناسبا لأنه يبدو ظاهريا يحمل نفس الفكرة في الدفاع عن المرأة وتمكنيها من حقوقها. ولأن المرأة في السعودية ـ على سبيل المثال ـ كانت ـ ولا زالت ـ تعاني من بعض الإشكالات الاجتماعية والقانونية التي ظلمتها وهضمت حقوقها، فقد استخدمت تلك الإشكالات كحصان طروادة للوصول إلى المرأة والعزف على وتر حقوقها، تمهيدا لما أصبحنا نراه ونسمعه اليوم.

حتى الفئة المستهدفة كانت في الغالب من الصغيرات المتحمسات اللواتي تطربهن مثل هذه المعزوفات، دون أن يكن على علم بنوايا مؤلف المقطوعة والهدف الذي يريد الوصول إليه. وليس أقبح ولا أسوأ ولا أخطر من الذي يعتنق معتقدا عن جهل، حتى وإن كان المعتقد صوابا، فكيف بمن يعتنق عن جهل معتقدا باطلا! وكثير من النسويات والنسويين في السعودية لم يكن لهم أهداف أصلا، ولكنهم كانوا أدوات في أيدي غيرهم من أصحاب الأهداف لأنهم فقط أرادوا تجربة شيء يبدو مميزا وعالميا من أجل بعض «البريستيج».

وعلى أي حال..

أرجو أن يكون واضحا ـ وأظنه كذلك ـ أن مقاومة هذا الفكر لا تعني الإقرار بظلم أحد ولا تعني منع البشر ـ رجالا ونساء ـ من المطالبة بحقوقهم التي ليس من ضمنها زيادة نسبة «الحثالة» من سكان الأرض، فمن طبيعة الحثالة أن تبقى كذلك، لأن من معانيها الضئيل أو الهزيل أو القليل.

agrni@