فواز عزيز

الرفض والاختلاف وما بينهما

السبت - 29 يونيو 2019

Sat - 29 Jun 2019

• لكل منا عقله، وفكره الذي قد يتوافق - فيما ينتجه أو يتعاطى معه من نتاج غيره - مع آخرين قد لا يشبههم، وقد يختلف مع آخرين ربما يكونون من أقرب الناس له، بناء على الثقافة أو المعرفة أو الجهل أو تباين النظرة إليها أو زاوية التعاطي معها.

• قربك مني لا يعني أن أوافق كل أفكارك، كما أن بعدك عني لا يعني أن أختلف مع كل أفكارك. فلي الحق كإنسان عاقل راشد أن أتفق أو أختلف بناء على عقلي ومهارات التفكير التي أمتلكها.

• كل منا يعلم أن الاختلاف يثري الأفكار والآراء ويمنحها «ورش عمل» لتجويدها وتطويرها، لكن المشكلة أن تصرفات «البعض» منا تحول الاختلاف إلى ساحات معارك ينتصر فيها من يقتل فكرة الآخر أو يلغي رأي غيره أمام الناس، وما أكثر جمهور تلك المعارك التي يكون الخاسر فيها الفكر!

• البعض يمارس «الاختلاف» وهو يقصد «الرفض» فيبذل قصارى جهده لرفض رأي غيره، لأنه لم يقتنع به، أو لأنه لا يتوافق مع رغباته، أو حتى لأنه لا يهمه، أو لم يستوعبه أو لا يريد أن يستوعبه لأن صاحبه لا يعرفه أو لا يعجبه!

• صحيح أن الرفض حق من حقوق كل فرد، لكنه قطعا لا يمنح أحدا الحق في تسفيه الآخر وقتل رأيه فقط لأنه يرفضه لأي سبب يخصه، فآراء الناس ليست ملزمة لك، ولن يجبرك أحد عليها، لذلك لست بحاجة لرفض كل ما لا يتوافق مع فكرك وعقلك.

• قد تعتقد بخطأ فكرة أحدهم أو رأيه، وقد تكون مصيبا في ذلك، فالأفكار والآراء ليست منزهة عن الخطأ، ومن حقك أن تصوبها بالمعلومة أو المعرفة أو الإقناع المنطقي أو تثريها لتكون أقرب إلى الصواب، لكن لا بد أن تقتنع بأن ما يناسبك من الأفكار قد لا يناسب غيرك، وما تؤمن به من آراء قد لا يؤمن به غيرك، فلكل ما يناسبه بناء على بيئته أو مجتمعه أو أسلوب حياته أو حتى معتقداته.

• كثير من العلماء اختلفوا فيما بينهم أو اختلفت آراؤهم، حتى أصبح لدينا كثير من الآراء المختلفة حول ذات الموضوع أو القضية، ومع مرور الزمن أصبحت كلها مقبولة رغم اختلافها، حتى في القضايا الدينية هناك آراء مختلفة، فتجد عالما ينقل كل الآراء حول قضية ما باختلافاتها ثم يرجح ما يراه صوابا، دون رفض الآراء الأخرى ودون إجبار الناس على رأيه أو ما يعتقده.

• لولا الاختلاف المحمود لما تطورت كثير من الاختراعات التي ننعم بحياة كريمة باستخدامها، ولبقيت على صيغتها الأولى التي ستكون بدائية في نظرنا اليوم.

• اعتقد أن الاختلاف

المحمود هو أن نبحث عن نقطة التقاء في تلك الفكرة التي نختلف حولها، ثم ننطلق إلى الاختلاف فيما يطورها لا فيما ينسفها ويلغيها.

• أما الاختلاف المذموم فهو أن نبحث عن نقطة افتراق ننسف من خلالها الفكرة التي نتناقش حولها، فإن لم نجد تلك النقطة نهرب منها إلى صاحبها فربما نجد فيه عيبا يشكك الناس في آرائه وأفكاره.

(بين قوسين)

• الآراء والأفكار اجتهادات قد تكون صوابا في زمن أو مكان أو عقل وليست كذلك في غيرها، لذلك لا يمكن نسفها أو إلغاؤها، بعكس «المعلومات».

fwz14@