مرزوق تنباك

لغز البطالة في المملكة

مقال مرزوق بن تنباك في 10 ربيع الآخر 1435هـ الموافق 11 فبراير 2014 في
مقال مرزوق بن تنباك في 10 ربيع الآخر 1435هـ الموافق 11 فبراير 2014 في

الثلاثاء - 25 يونيو 2019

Tue - 25 Jun 2019

«ما يخيف العالم في هذا الوقت هو شبح البطالة الذي يؤرق الدول والمنظمات العمالية في أي مكان، حيث يعد ارتفاع البطالة في أي دولة مؤشرا خطيرا على ضعف اقتصادها وركوده وعدم نموه، كما يقاس اقتصاد العالم وقوته بكثرة الفرص الوظيفية التي يقدمها القطاع الخاص والعام في أي دولة.

ولا شك أن نقص فرص العمل كابوس مخيف للناس ولكل مسؤول يتولى أمرهم، وليس ذلك فحسب بل لكل فرد في الدول التي لا يستطيع اقتصادها استيعاب الباحثين عن العمل من أبنائها، ولهذا تلجأ مثل تلك الدول ذات الاقتصاد الضعيف إلى البحث عن مجالات أخرى تساعد اقتصادها وتعوض نقصه، ويأتي في مقدمة محاولاتها التدريب الجيد لمواطنيها الذين لا يجدون عملا في بلادهم كي يجدوا عملا في الدول التي تحتاج إلى خدماتهم، ويكون عمالها المهرة مصدر إنعاش لاقتصادها.

وهناك في العالم الثالث أكثر من دولة يقوم اقتصادها أو جله على ما يحوله أبناؤها العاملون في الخارج من العملة الصعبة إليها.

هذا خيار الدول الفقيرة في معالجة البطالة بين مواطنيها، وهو خيار لا يجدون غيره ولابد منه في كل الأحوال، لكن ما بال البطالة في الدول التي تقف على قمة اقتصاد العالم، وتسهم في تحفيزه، ويعمل بها من جميع الدول التي تصدر العمالة أكثر من ضعف سكانها، وما زالت البطالة بين أبنائها تحتل نسبة عالية في كل المقاييس، وعدد كبير منهم يبحثون عن عمل في كل مجال، يستوي في ذلك المؤهلون من حملة الشهادات الجامعية ومن هم دون ذلك، وما زال وجود الوظيفة هما يؤرق الشباب الذين يطرقون كل الأبواب فلا يجدون غير الأعذار؟ وحتى نكون منصفين، لم يكن المسؤولون بعيدين عن هذا الهم، بل أجزم أنهم يعانون مثل الشباب ويسعون بكل ما أتوا من قدرة إلى أن يجدوا حلا لهذا اللغز الغريب.

وأي غرابة أكثر من أن يجد عشرة ملايين عامل أجنبي أعمالا في كل المجالات، وتقدم لهم التسهيلات والتأشيرات، وليس هذا محاباة لهم ولكن حاجة إليهم جعلتنا نفسح لهم مجالا رحبا في بلادنا، بينما يضيق هذا المجال عن أبناء الوطن الطالبين للوظيفة.

هذه هي المشكلة التي تواجهنا منذ أكثر من خمسة عشر عاما، وجعلت المسؤولين يحاولون أكثر من محاولة، ولم تنجح كل تلك المحاولات التي بذلت في خفض نسب البطالة بين الشباب والشابات الذين يزيد عددهم في كل عام وتزيد معه المحاولات أيضا ولا تصل إلى نتيجة ناجعة في فك لغز البطالة في دولة لا تعاني شحا في الموارد المادية، ولا شحا في المشاريع العملاقة التي تقدمها الدولة في كل المجالات، ولا ضعفا في الاقتصاد.

تزيد المشاريع، وتزيد الشركات، ويزيد الطلب على استقدام العمالة الأجنبية ويتوازى مع هذه الزيادة زيادة العاطلين من المواطنين، وزيادة الطالبين للعمل الذي لا يجدونه، وزيادة المحاولات من المسؤولين.

سأقدر جهود المسؤولين ومحاولاتهم المشكورة للخروج من مأزق بطالة المواطنين التي يظهر أنها حتى هذه اللحظة قد استعصت على كل الحلول السابقة، وأقول لهم إنهم لم يكونوا جادين في البحث عن حل، وإلا لما استعصت عليهم الحلول.

والشاهد على ما أقول أننا منذ عشرين عاما ونحن نعاني من العمالة المتسيبة في مدننا، والمسؤولون يحاولون الحلول لها ولا يجدون حلا كما يقولون، ولكن بقدرة قادر وفي أسبوع واحد وجدوا حلا ناجحا لم يجدوه منذ عشرين عاما.

كيف؟ لأن رغبة الحل وجدت لسبب أو لآخر، لا يهم السبب، يهمنا أننا عندما أردنا الحل وجدناه ولم نعجز عنه.

وكذلك لغز البطالة للمواطنين لن يستعصي على الحل عندما تتأكد إرادة الحل وتُستشعر ضرورته.

إن البطالة أخطر بكثير على أمن الوطن واستقراره من العمالة المتسيبة التي عندما شعرنا بخطرها لم تستعص علينا الحلول لها».

Mtenback@